وقوله: ﴿ربنا﴾ أي: أيها المحسن إلينا ﴿عليك﴾ أي: لا على غيرك ﴿توكلنا﴾ أي: فوّضنا أمرنا إليك يجوز أن يكون من مقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام والذين معه، فهو من جملة الأسوة الحسنة، وفصل بينهما بالاستثناء ويجوز أن يكون منقطعاً عما قبله على إضمار قول، وهو تعليم من الله تعالى لعباده كأنه قال لهم قولوا ربنا عليك توكلنا ﴿وإليك﴾ أي: وحدك ﴿أنبنا﴾ أي: رجعنا بجميع ظواهرنا وبواطننا ﴿وإليك﴾ أي وحدك ﴿المصير﴾ أي: الرجوع في الآخرة.
﴿ربنا﴾ أي: أيها المربي لنا والمحسن إلينا ﴿لا تجعلنا فتنة للذين كفروا﴾ أي: بأن تسلطهم علينا فيفتنوننا بعذاب لا نحتمله، أو فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك. وقيل: لا تعذبنا بعذاب من عندك فيقولون لو كان هؤلاء على الحق لما أصابهم ذلك. وقيل: لا تسلط عليهم الرزق دوننا، فإنّ ذلك فتنة لهم ﴿واغفر لنا﴾ أي: استر ما وقع منا من الذنوب، وامح عينه وأثره ﴿ربنا﴾ أي: أيها المحسن إلينا وأكدوا إعلاماً بشدّة رغبتهم في حسن الثناء عليه فقالوا: ﴿إنك أنت﴾ أي: وحدك لا غيرك ﴿العزيز﴾ أي: الذي يغلب كل شيء، ولا يغلبه شيء ﴿الحكيم﴾ أي: الذي يضع الأشياء في أوفق محالها فلا يستطاع نقضها، ومن كان كذلك فهو حقيق بأن يعطى من أمله ما طلب.
(١٢/٩٣)