ولما كان قد أمر برد مهور الكفار فكان ربما ظنّ أنه مغن عن تجديد مهر لهنّ إذا نكحهنّ المسلم نفى ذلك بقوله: ﴿إذا آتيتموهنّ﴾ أي: لأجل النكاح ﴿أجورهنّ﴾ أي: مهورهنّ، وفي شرط أثناء المهر في نكاحهنّ إيذان بأن ما أعطى أزواجهنّ لا يقوم مقام المهر ﴿ولا تمسكوا بعصم الكوافر﴾ جمع عصمة، وهي هنا عقد النكاح، أي: من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدّ بها فقد انقطعت عصمتها فلا يكن بينكم وبينهنّ عصمة ولا علقة زوجية، والكوافر جمع كافرة كضوارب في ضاربة. قال النخعي: المراد بالآية هي المرأة المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر، وكان الكفار يتزوّجون المسلمات، والمسلمون يتزوجون المشركات، ثم نسخ ذلك بهذه الآية فطلق عمر بن الخطاب حينئذ امرأتين له بمكة مشركتين قريبة بنت أبي أمية فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وهما على شركهما بمكة وأمّ كلثوم بنت عمر والخزاعية أم عبد الله بن المغيرة فتزوجها أبو جهم بن حذافة، وهما على شركهما بمكة فلما ولي عمر قال أبو سفيان لمعاوية: طلق قريبة فلا يرى عمر سلبه في بيتك فأبى معاوية، وكانت عند طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ففرق الإسلام بينهما، ثم تزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص، وكانت ممن فرت إلى النبيّ ﷺ من نساء الكفار فحبسها وزوجها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. وقال الشعبي: كانت زينب بنت رسول الله ﷺ امرأة أبي العاص بن الربيع أسلمت ولحقت بالنبيّ ﷺ وأقام أبو العاص بمكة مشركاً، ثم أتى المدينة وأسلم فردّها عليه رسول الله ﷺ روى أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس بالنكاح الأوّل، ولم يحدث شيئاً. قال محمد بن عمرو في حديث بعد ست سنين، وقال الحسن بن علي: بعد سنتين، قال أبو عمر: فإن صح هذا فلا يخلو من وجهين: إما أنها لم تحض حتى أسلم زوجها، وإما أنّ الأمر فيها منسوخ بقوله تعالى: {وبعولتهن أحق


الصفحة التالية
Icon