روي أن المسلمين قالوا: رضينا بما حكم الله تعالى، وكتبوا إلى المشركين فامتنعوا فنزل قوله تعالى: ﴿وإن فاتكم شيء من أزواجكم﴾ أي: واحدة فأكثر منهن، أو شيء من مهورهن بالذهاب ﴿إلى الكفار﴾ مرتدات ﴿فعاقبتم﴾ فغزوتم وغنمتم من أموال الكفار فجاءت نوبة ظفركم بأداء المهر إلى إخوانكم طاعة وعدلاً عقب نوبتهم التي اقتطعوا فيها ما أنفقتم ظلماً ﴿فآتوا﴾ أي: فاحضروا وأعطوا من مهر المهاجرة ﴿الذين ذهبت أزواجهم﴾ أي: منكم من الغنيمة ﴿مثل ما أنفقوا﴾ أي: لفواته عليهم من جهة الكفار. روى الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: حكم الله تعالى بينهم فقال جلّ ثناؤه ﴿واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا﴾ فكتب إليهم المسلمون قد حكم الله تعالى بيننا بأنه إن جاءتكم امرأة منا أن توجهوا إلينا صداقها، وإن جاءتنا امرأة منكم وجهنا إليكم بصداقها، فكتبوا أما نحن فلا نعلم لكم عندنا شيئاً فإن كان لنا عندكم شيء فوجهوا به فأنزل الله تعالى: ﴿وإن فاتكم شيء من أزواجكم﴾ الآية. وقال ابن عباس: في قوله تعالى: ﴿ذلكم حكم الله﴾ أي: بين المسلمين والكفار من أهل العهد من أهل مكة يرد بعضهم على بعض. قال الزهري: ولولا العهد لأمسك النساء ولم يرد عليهم صداقاً، وقال قتادة ومجاهد: إنما أمروا أن يعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من الفيء والغنيمة، وقالا: هي فيمن بيننا وبينه عهد، وقالا: فمعنى ﴿فعاقبتم﴾ فاقتصصتم ﴿فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل مثل ما أنفقوا﴾ أي: من المهور. وقال ابن عباس: معنى الآية إن لحقت امرأة مؤمنة بكفار أهل مكة، وليس بينكم وبينهم عهد، ولها زوج مسلم قبلكم فغنمتم فأعطوا هذا الزوج المسلم مهره من الغنيمة قبل أن تخمس. وقال الزهري: يعطي من مال الفيء، وعنه يعطى من صداق من لحق بها
(١٢/١٠٦)


الصفحة التالية
Icon