﴿وإذ﴾ أي: واذكر ياأشرف الخلق إذ ﴿قال موسى لقومه﴾ أي: بني إسرائيل، وقوله: ﴿ياقوم﴾ استعطاف لهم واستنهاض إلى رضا ربهم ﴿لم تؤذونني﴾ أي: تجددون أذاي مع الاستمرار، وذلك حين رموه بالأدرة كما مر في سورة الأحزاب ومن الأذى ما ذكر في قصة قارون أنه دس إلى امرأة تدعي على موسى الفجور، ومن الأذى قولهم ﴿اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة﴾ (الأعراف: ١٣٨)
وقولهم: ﴿فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون﴾ (المائدة: ٢٤)
(١٢/١٢٠)
وقولهم: أنت قتلت هارون، وغير ذلك. وقوله تعالى: ﴿وقد تعملون﴾ جملة حالية، أي: علمتم علماً قطعياً تجدده لكم كل وقت بتجدد أسبابه بما آتيتكم به من المعجزات، والكتاب الحافظ لكم من الزيغ ﴿إني رسول الله﴾ الملك الأعظم الذي لا كفؤ له ﴿إليكم﴾ ورسوله يعظم ويحترم لا أنه تنتهك جلالته وتخترم، وأنا لا أقول لكم شيئاً إلا عنه، ولا أنطق عن الهوى ﴿فلما زاغوا﴾ أي: عدلوا عن الحق بمخالفة أوامر الله تعالى وبإيذائه. وقرأ حمزة بالإمالة والباقون بالفتح ﴿أزاغ الله﴾ أي: الملك الذي له الأمر كله ﴿قلوبهم﴾ أي: أمالهم عن الهدى على وفق ما قدره في الأزل ﴿والله﴾ أي: الذي له الحكمة البالغة لأنه المستجمع لصفات الكمال ﴿لا يهدي﴾ أي: بالتوفيق بعد هداية البيان ﴿القوم الفاسقين﴾ أي: العريقين في الفسق الذين لهم قوة المحاولة، فلم يحملهم على الفسق ضعف فاحذروا أن تكونوا مثلهم في العزائم فتساووهم في عقوبات الجرائم، وهذا تنبيه على عظيم إيذاء الرسل حتى إن أذاهم يؤدي إلى الكفر وزيغ القلوب عن الهدى، ثم ذكر القصة الثانية بقوله تعالى:
(١٢/١٢١)


الصفحة التالية
Icon