﴿ومن يؤمن بالله﴾ يصدق بأنه لا تصيبه مصيبة إلا بقضاء الله الملك الأعظم وتقديره وإذنه ﴿يهد قلبه﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو أن يجعل في قلبه اليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، أي: فيسلم لقضاء الله وقدره. وقال الكلبي: هو إذا ابتلي صبر، وإذا أنعم عليه شكر، وإذا ظلم غفر.
وقيل: يهد قلبه إلى نيل الثواب في الجنة، وقيل: يثبته على الإيمان. وقال أبو عثمان الحيري: من صح إيمانه يهد الله قلبه لاتباع السنة. وقيل: يهد قلبه عند المصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قاله ابن جبير. ﴿والله﴾ أي: الملك الذي لا نظير له ﴿بكل شيء﴾ مطلقاً من غير استثناء ﴿عليم﴾ فلا يخفى عليه تسليم من انقاد لأمره، فإذا تحقق من هدى قلبه ذلك زاح عنه كل اعتقاد باطل من كفر أو بدعة أو صفة خبيثة.
﴿وأطيعوا الله﴾ أي: الملك الأعلى الذي له الأمر كله ﴿وأطيعوا الرسول﴾ أي: هونوا على أنفسكم المصائب واشتغلوا بطاعة الله تعالى، واعملوا بكتابه وأطيعوا الرسول في العمل بسنته ﴿فإن توليتم﴾ أي: عن الطاعة ﴿فإنما على رسولنا﴾ أضافه إليه على وجه الكمال تعظيماً له وتهديداً لمن يتولى عنه ﴿البلاغ المبين﴾ أي: الظاهر في نفسه المظهر لكل أحد أنه أوضح له غاية الإيضاح، ولم يدع لبساً، وليس إليه خلق الهداية في القلوب.
﴿الله﴾ أي: المحيط بجميع صفات الكمال ﴿لا إله إلا هو﴾ فهو القادر على خلق الهداية في القلوب والإقبال بها لا يقدر على ذلك غيره ﴿وعلى الله﴾ أي: الذي له الأمر لا على غيره ﴿فليتوكل المؤمنون﴾ أي: لأن إيمانهم بأن الكل منه يقتضي ذلك. وقال الزمخشري: هذا بعث لرسول الله ﷺ على التوكل عليه، والتقوى به في أمره حتى ينصره على من كذبه وتولى عنه.
(١٢/١٨٩)


الصفحة التالية
Icon