﴿ومن يتوكل﴾ أي: يسند أموره كلها معتمداً فيها ﴿على الله﴾ أي: الملك الذي بيده كل شيء ولا كفء له ﴿فهو﴾ أي: الله في غيبه فضلاً عن الشهادة بسبب توكله ﴿حسبه﴾ أي: كافيه ما أهمه، وحذف المتعلق للتعميم، وحرف الاستعلاء للإشارة إلى أنه كان حمل أموره كلها عليه سبحانه، لأنه القوي العزيز الذي يدفع عنه كل ضار ويجلب له كل سار إلى غير ذلك من المعاني الكبار، فلا يبدو له عالم الشهادة شيء يشينه.
وقيل: من اتقى الله وجانب المعاصي وتوكل عليه فله فيما يعطيه في الآخرة من ثوابه كفاية ولم يرد الدنيا، لأن المتوكل قد يصاب في الدنيا وقد يقتل، وفي الحديث: «لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً» ويؤخذ من هذا أن التوكل يكون مع مباشرة الأسباب لأنه ﷺ قال: تغدو وتروح وهي من المقامات العظيمة. قال البقاعي نقلاً عن المولوي: وإلا كان اتكالاً، وليس بمقام بل خسة همة وعدم مروءة؛ لأنه إبطال حكمة الله التي أحكمها في الدنيا من ترتب المسببات على الأسباب. ا. ه.
(١٢/٢٠٨)