ولما فرغ من ذكر الحوائل أتبعه ذكر الحوامل بقوله تعالى: ﴿وأولات الأحمال﴾ أي: من جميع الزوجات المسلمات والكافرات المطلقات والمتوفى عنهن ﴿أجلهن﴾ أي: لمنتهى العدة سواء كان لهن مع الحمل حيض أم لا ﴿أن يضعن حملهن﴾ وهذا على عمومه مخصص لآية ﴿يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً﴾ لأن المحافظة على عمومه أولى من المحافظة على عموم ذاك في قوله تعالى: ﴿أزواجاً﴾ لأن عموم هذه بالذات لأن الموصول من صيغ العموم وعموم أزواجاً بالعرض لأنه بدل لا يصلح لجميع الأزواج في حال واحد، والحكم معلل هنا بوصف الحملية بخلاف ذاك، ولأن هذه الآية متأخرة النزول عن آية البقرة فتقديمها على تلك تخصيص، وتقديم تلك في العمل بعمومها رفع لما في الخاص من الحكم فهو نسخ، والأول هو الراجح للوفاق، ولأن سبيعة بنت الحارث وضعت حملها بعد وفاة زوجها بليالٍ فأذن لها النبي ﷺ أن تتزوج.
(١٢/٢١٢)
تنبيه: إذا وضعت المرأة ما في بطنها من علقة أو مضغة حلت عند مالك، وقال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة: لا تحل إلا بوضع ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان، فإن كانت حاملاً بتوأمين لم تنقض عدتها حتى تضع الثاني منهما، ولابد أن يكون الحمل منسوباً لذي العدة، أما إذا كان من زنا فلا حرمة له والعدة بالحيض.
ولما كانت أمور النساء في المعاشرة والمفارقة في غاية المشقة كرر بالحث على التقوى إشارة إلى ذلك، وترغيباً في لزوم ما حده سبحانه فقال عاطفاً على ما تقديره فمن لم يحفظ هذه الحدود عسر الله تعالى عليه أموره: ﴿ومن يتق الله﴾ أي: يوجد الخوف من الملك الأعظم إيجاداً مستمراً ليجعل بينهم وبين سخطه وقاية من طاعته، اجتلاباً للمأمور واجتناباً للمنهي.


الصفحة التالية
Icon