وقال بعض المفسرين: إنه أسر إلى حفصة شيئاً فحدثت به غيرها فطلقها مجازاة على بعضه، ولم يؤاخذها بالباقي وهو من قبيل قوله تعالى: ﴿وما تفعلوا من خير يعلمه الله﴾ (البقرة: ١٩٧) أي: يجازيكم عليه، وقيل: المعرّف حديث الإمامة، والمعرض عنه حديث مارية. وروي «أنه قال لها: ويلك ألم أقل لك أكتمي علي، قالت: والذي بعثك بالحق نبياً ما ملكت نفسي فرحاً بالكرامة التي خص الله تعالى بها أباها» ﴿فلما نبأها به﴾ أي: بما فعلت على وجه لم يغادر من ذلك الذي عرفها به شيئاً منه، ولا من عوارضه لتزداد بصيرة.
روي أنها قالت لعائشة سراً فأنا أعلم أنها لا تظهره، قاله الملوي، وهو معنى قوله تعالى: ﴿قالت﴾ أي: ظناً منها أن عائشة أفشت عليها ﴿من أنبأك هذا﴾ أي: من أخبرك أني أفشيت السر ﴿قال نبأني﴾ وحذف المتعلق اختصاراً للفظ وتكسيراً للمعنى بالتعميم إشارة أنه أخبره بجميع ما دار بينها وبين عائشة على أتم ما كان. ﴿العليم﴾ أي: المحيط العلم ﴿الخبير﴾ أي: المطلع على الضمائر والظواهر، فهو أولى أن يحذر فلا يتكلم سراً أو جهراً إلا بما يرضيه.
وقوله تعالى: ﴿إن تتوبا إلى الله﴾ أي: الملك الأعظم شرط، وفي جوابه وجهان: أحدهما: قوله تعالى: ﴿فقد صغت قلوبكما﴾ والمعنى: إن تتوبا فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، وهو ميل قلوبكما عن الواجب في مخالفة رسول الله ﷺ في حب ما يحب وكراهة ما يكره. وصغت: مالت وزاغت عن الحق، قال القرطبي: وليس قوله: ﴿فقد صغت قلوبكما﴾ جواب الشرط لأن هذا الصغو كان سابقاً فجزاء الشرط محذوف للعلم به أي: إن تتوبا كان خيراً لكما إذ قد صفت قلوبكما. الثاني: أن الجواب محذوف تقديره: فذلك واجب عليكما، أو فتاب الله عليكما، قاله أبو البقاء. ودل على المحذوف ﴿فقد صغت﴾ لأن إصغاء القلب إلى ذلك ذنب. قال بعضهم: وكأنه زعم أن ميل القلب ذنب، وكيف يحسن أن يكون جواباً وقد غفل عن المعنى المصحح لكونه جواباً.
(١٣/٨)