﴿تبارك﴾، أي: تكبر وتقدس وتعالى وتعاظم وثبت ثباتاً لا مثل له مع اليمن والبركة، وقيل: دام فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ولا آخر لدوامه ﴿الذي بيده﴾ أي: بقدرته وتصرفه لا بقدرة غيره ﴿الملك﴾، أي: له الأمر والنهي وملك السموات في الدنيا والآخرة، وقال ابن عباس: بيده الملك يعز من يشاء ويذل من يشاء ويحيي ويميت ويغني ويفقر ويعطي ويمنع. قال الرازي: وهذه الكلمة تستعمل لتأكيد كونه تعالى ملكاً ومالكاً كما يقال: بيد فلان الأمر والنهي والحل والعقد، وذكر اليد إنما هو تصوير للإحاطة ولتمام القدرة؛ لأنها محلها مع التنزه عن الجارحة وعن كل ما يفهم حاجة أو شبهها ﴿وهو على كل شيء﴾، أي: من الممكنات ﴿قدير﴾ أي: تام القدرة.
(١٣/٣٤)
تنبيه: احتج أهل السنة بهذه الآية على أنه لا يؤثر إلا قدرة الله تعالى، وأبطلوا القول بالطبائع كقول الفلاسفة، وأبطلوا القول بالتولدات كقول المعتزلة، وأبطلوا القول بكون العبد موجداً لأفعال نفسه لقوله تعالى: ﴿وهو على كل شيء قدير﴾ ودلت هذه الآية على الوحدانية لأنا لو قدرنا إلهاً ثانياً فإمّا أن يقدر على إيجاد شيء أو لا، فإن لم يقدر على إيجاد شيء لم يكن إلهاً وإن قدر كان مقدور ذلك الإله الثاني شيئاً فيلزم كون ذلك الشيء مقدوراً للإله الأول لقوله: ﴿وهو على كل شيء قدير﴾ فيلزم وقوع مخلوق من خالقين وإنه محال، لأنه إذا كان كل واحد منهما مستقلاً بالإيجاد يلزم أن يستغني كل واحد منهما عن كل واحد منهما فيكون محتاجاً إليهما وغنياً عنهما وذلك محال. وقرأ: ﴿وهو على كل شيء قدير﴾ ﴿وهو العزيز الغفور﴾ ﴿وهو اللطيف﴾ وما أشبه ذلك أبو عمرو وقالون والكسائي بسكون الهاء والباقون بضمها، وخرج بقولنا من الممكنات أنه تعالى ليس قادراً على نفسه، وأجاب بعضهم بأن هذا عام مخصوص.