ودل على تمام قدرته قوله تعالى: ﴿الذي خلق﴾ أي: قدر وأوجد ﴿الموت والحياة﴾ قيل: خلق الموت في الدنيا والحياة في الآخرة، وقدم الموت على الحياة لأنّ الموت إلى القهر أقرب كما قدم البنات على البنين فقال: ﴿يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور﴾ (الشورى: ٤٩)
(١٣/٣٥)
وقيل: قدمه لأنه أقدم، لأنّ الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموت كالنطف والتراب ونحوه. وقال قتادة: كان رسول الله ﷺ يقول: «إن الله أذل بني آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء» وعن أبي الدرداء أن النبي ﷺ قال: «لولا ثلاث ما طأطأ ابن آدم رأسه الفقر والمرض والموت» وقيل: إنما قدم الموت على الحياة لأن من نصب الموت بين عينيه كان أقوى الدواعي إلى العمل، وحكي عن ابن عباس والكلبي ومقاتل أنّ الموت والحياة جسمان، والموت في هيئة كبش لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس أنثى بلقاء وهي التي كان جبريل عليه السلام والأنبياء عليهم السلام يركبونها خطوتها مدّ البصر فوق الحمار ودون البغل لا تمر بشيء ولا يجد ريحها إلا حيي ولا تطأ على شيء إلا حيي وهي التي أخذ السامري من أثرها فألقاه على العجل فحيي، حكاه الثعلبي والقشيري عن ابن عباس.
(١٣/٣٦)