وقال بعضهم: نون آخر حروف الرحمن وهي رواية عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الحسن وقتادة والضحاك: النون: الدواة، وهو مروي أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال القرطبي: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة». ومنه قول الشاعر:

*إذا ما الشوق برح بي إليهم ألقت النون بالدمع السجام*
ويكون على هذا أقسم بالدواة والقلم، فإن المنفعة بهما عظيمة بسبب الكتابة، فإن التفاهم يحصل تارة بالنطق وتارة بالكتابة، وقيل: النون: لوح من نور تكتب فيه الملائكة ما يؤمرون به، رواه معاوية بن قرة مرفوعاً، وقيل: النون: هو المداد الذي تكتب به الملائكة. وقال عطاء وأبو العالية: هو افتتاح اسمه تعالى نصير ونور وناصر، وقال محمد بن كعب: أقسم الله تعالى بنصرة المؤمنين.
وقال الزمخشري: هذا الحرف من حروف المعجم، وأما قولهم: هو الدواة فما أدري أهو وضع لغوي أم شرعي ولا يخلو إذا كان اسماً للدواة من أن يكون جنساً أو علماً، فإن كان جنساً فأين الإعراب والتنوين، وإن كان علماً فأين الإعراب وأيهما كان فلا بد له من موقع في تأليف الكلام. فإن قلت: هو مقسم به وجب إن كان جنساً أن تجره وتنونه ويكون القسم بدواة منكرة مجهولة كأنه قيل: ودواة ﴿والقلم﴾ وإن كان علماً أن تصرفه وتجره أو لا تصرفه وتفتحه للعملية والتأنيث.
وكذلك التفسير بالحوت إما أن يراد نون من النينان، أو يجعل علماً لليهموت الذي يزعمون والتفسير باللوح من نور أو ذهب والنهر في الجنة نحو ذلك ا. ه.
(١٣/٦٧)


الصفحة التالية
Icon