﴿وأنبئكم﴾ أي: أخبركم ﴿بما تأكلون﴾ بما لم أعاينه ﴿وما تدّخرون﴾ أي: تخبئون ﴿في بيوتكم﴾ حتى تأكلوه فكان يخبر الرجل بما أكل البارحة وبما أكل اليوم وبما ادّخره للعشاء، وقال السدي: كان عيسى في الكتاب يحدث الغلمان بما تصنع آباؤهم، ويقول للغلام: انطلق فقد أكل أهلك كذا وكذا ورفعوا لك كذا وكذا قال: فينطلق الصبي إلى أهله ويبكي حتى يعطوه ذلك الشيء فيقولون: من أخبرك بهذا؟ فيقول: عيسى فحبسوا صبيانهم عنه وقالوا لهم: لا تلعبوا مع هذا الساحر فجمعوهم في بيت فجاء عيسى يطلبهم فقالوا: ليسوا ههنا قال: فما في هذا البيت؟ قالوا: خنازير قال عيسى: كذلك يكونوا ففتحوا عنهم فإذا هم خنازير ففشا ذلك في بني إسرائيل فهمت به بنو إسرائيل فلما خافت عليه أمّه حملته على حمار لها وخرجت هاربة إلى مصر، وقال قتادة: إنما هذا في المائدة وكان خواناً ينزل عليهم أينما كانوا كالمنّ والسلوى وأمروا أن لا يخونوا ولا يخبئوا لغد فخانوا وخبؤوا فجعل عيسى يخبرهم بما أكلوا من المائدة وادّخروا منها فمسخهم الله خنازير ﴿إن في ذلك﴾ الذي ذكرته لكم ﴿لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾ أي: مصدّقين للحق غير معاندين وقوله تعالى:
﴿ومصدّقاً﴾ منصوب بإضمار فعل يدل عليه قد جئتكم أي: وجئتكم مصدّقاً ﴿لما بين يدي﴾ أي: قبلي ﴿من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرّم عليكم﴾ فيها في شريعة موسى عليه الصلاة والسلام فأحل لهم أكل الشحوم والثروب وهو شحم رقيق يغشى الكرش والسمك ولحوم الإبل والعمل في السبت وقيل: أحل الجميع فبعض بمعنى كل كقول لبيد:

*ترّاك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها*
يعني كل النفوس.
(٢/٢١)


الصفحة التالية
Icon