قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قال: اغدوا إلى حرثكم وما معنى على؟ قلت: لما كان الغدو إليه ليصرموه ويقطعوه كان غدواً عليه كما تقول: غدا عليهم العدو. قال الزمخشري: ويجوز أن يضمن الغدو معنى الإقبال، أي: فأقبلوا على حرثكم. ﴿إن كنتم صارمين﴾ أي: مريدين القطع، وجواب الشرط دل عليه ما قبله، أي: فاغدوا، ويجوز أن تكون أن المصدرية، أي: تنادوا بهذا الكلام.
تنبيه: مقتضى كلام الزمخشري أن غدا متعدّ في الأصل بإلى فاحتاج إلى تأويل فقدره بعلى، قال ابن عادل: وفيه نظر لورود تعديه بعلى في غير موضع كقوله:
* وقد أغدوا على ثبة كرامٍ | نشاوى واجدين لما نشاء* |
﴿فانطلقوا﴾ أي: فتسبب عن هذا الحث عقبه كأنهم كانوا متهيئين ﴿وهم﴾ أي: والحال أنهم ﴿يتخافتون﴾ أي: يقولون في حال انطلاقهم قولاً هو في غاية السر، كأنهم ذاهبون إلى سرقة من دار هي في غاية الحراسة من الخفوت وهو الهمود وخفا وخفت وخفد ثلاثتها في معنى الكتم، ومنه الخفدود للخفاش.
ثم فسر ما يتخافتون به بقوله تعالى: ﴿أن لا يدخلنها﴾ وأن لا ههنا مقطوعة كما ترى، وأكدوه لأنه لا يصدق أن أحداً يصل إلى هذه الوقاحة وأن جذاذاً يخلو من سائل ﴿اليوم﴾ أي: في جميع النهار بما دل عليه نزع الخافض لتكروا عليه مراراً وتفتشوه فلا تدعوا به ثمرة واحدة ولا موضعاً يطمع فيه أحد في قصدكم ﴿عليكم﴾ وأنتم بها ﴿مسكين﴾ وهي نهي للمسكين في اللفظ للمبالغة في نهى أنفسهم أن لا يدعوه يدخل عليهم، أي: لا يمكنوه من الدخول حتى يدخل كقولك: لا أرينك ههنا، فقال لهم أوسطهم سناً وخيرهم نفساً وأعدلهم طبعاً بما يدل عليه ما يأتي: لا تقولوا هكذا واصنعوا من الإحسان ما كان يصنع أبوكم، قال البقاعي: وكأنه طواه سبحانه لأنه مع الدلالة عليه بما يأتي لم يؤثر شيئاً.
(١٣/٨٧)