والملاوة المدة من الدهر وأملى الله له، أي: أطال له، والملوان الليل والنهار. وقيل: لا أعاجلهم بالموت. والمعنى واحد، والملا مقصوراً الأرض الواسعة سميت بها لامتدادها ﴿إن كيدي﴾ أي: ستري لأسباب الهلاك عمن أريد إهلاكه وإبدائي ذلك له في ملابس الإحسان ﴿ميتن﴾ أي: قويّ شديد فلا يفوتني أحد، وسمي إحسانه كيداً كما سماه استدارجاً لكونه في صورة الكيد، ووصفه بالمتانة لقوة أثر استحسانه في التسبب للهلاك.
﴿أم تسألهم﴾ أي: أنت يا أعف الخلق وأعلاهم همماً ﴿أجراً﴾ على تبليغ الرسالة ﴿فهم﴾ أي: فتسبب عن ذلك وتعقب أنهم ﴿من مغرم﴾ أي: غرامة كلفتهم بها ﴿مثقلون﴾ أي: ثقل حمل الغرامات عليهم في بذل المال فثبطهم ذلك عن الإيمان. والمعنى: ليس عليهم كلفة في متابعتك بل يستولون بالإيمان على خزائن الأرض ويصلون إلى جنات النعيم.
﴿أم عندهم﴾ أي: خاصة ﴿الغيب﴾ أي: علمه عن اللوح المحفوظ أو غيره ﴿فهم﴾ أي: بسبب ذلك ﴿يكتبون﴾ أي: ما يريدون منه ليكونوا قد أطلعوا على أن هذا الذكر ليس من عند الله، أو أنهم لا درك عليهم في التكذيب به فقد علم من هذا أنهم لا شهوة لهم في ذلك عادية ولا شبهة، وإنما كيدهم مجرد خبث طباع وظلمة نفوس وأماني فارغة وأطماع.k
﴿فاصبر﴾ أي: أوقع الصبر وأوجده على كل ما يقولونه فيك وعلى غير ذلك من كل ما يقع منهم ومن غيرهم من ممر القضاء ﴿لحكم ربك﴾ أي: القضاء الذي قضاه وقدره المحسن إليك الذي أكرمك بما أكرمك به من الرسالة وألزمك بما ألزمك من البلاغ وخذلهم بالتكذيب ومدّ لهم على ذلك في الأجل، وأسبغ عليهم النعم وأخر ما وعدك به من النصر. وقال ابن بحر: فاصبر لنصر ربك، وقيل: إن ذلك منسوخ بآية السيف. وقال قتادة: إن الله تعالى يعزي نبيه ﷺ ويأمره بالصبر ولا يعجل. ﴿ولا تكن﴾ أي: ولا يكن حالك يا أشرف الخلق في الضجر والعجلة ﴿كصاحب﴾ أي: كحال صاحب ﴿الحوت﴾ وهو يونس عليه السلام.
(١٣/٩٩)


الصفحة التالية
Icon