وقوله تعالى: ﴿إذ﴾ منصوب بمضاف محذوف، أي: ولا يكن حالك كحاله أو قصتك حين ﴿نادى﴾ أي: ربه في الظلمات من بطن الحوت وظلمة ما يحيط به من الجثة وظلمة اللجج ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾، ويدل على المحذوف أن الذوات لا ينصبّ عليها النهي إنما ينصب على أحوالها وصفاتها، وقوله تعالى: ﴿وهو مكظوم﴾ جملة حالية من الضمير من نادى والمكظوم الممتلئ حزناً أو غيظاً، ومنه كظم السقاء إذا ملأه، قال ذو الرمة:
*وأنت من حب ميّ مضمر حزناً | غالي الفؤاد قريح القلب مكظوم* |
ولما تشوف السامع إلى ما كان من أمره بعد هذا الأمر العجيب قال تعالى: ﴿لولا أن تداركه﴾ أي: أدركه إدراكاً عظيماً ﴿نعمة﴾ أي: عظيمة جداً.
تنبيه: حسن تذكير الفعل لفصل الضمير في تداركه.
﴿من ربه﴾ أي: الذي أحسن إليه بإرساله وتهذيبه للرسالة والتوبة عليه والرحمة. وقال الضحاك: النعمة هنا النبوة، وقال ابن جبير: عبادته التي سلفت، وقال ابن زيد: نداؤه بقوله:
(١٣/١٠٠)