﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾، وقال ابن بحر: إخراجه من بطن الحوت. وقوله تعالى: ﴿لنبذ﴾ أي: لولا هذه الحالة السنية التي أنعم الله تعالى عليه بها لطرح طرحاً هيناً جداً ﴿بالعراء﴾ أي: الأرض القفراء الواسعة التي لا بناء فيها ولا جبال ولا نبات، البعيدة عن الأنس جواب لولا. وقيل: جوابها مقدر، أي: لولا هذه النعمة لبقي في بطن الحوت ﴿وهو﴾ أي: والحال أنه ﴿مذموم﴾ أي: ملوم على الذنب. وقيل: مبعد من كل خير. وقال الرازي: وهو مذموم على كونه فاعلاً للذنب، قال: والجواب من ثلاثة أوجه: الأول: إن كلمة لولا دالة على أن هذه المذمومية لم تحصل. الثاني: لعل المراد من المذمومية ترك الأفضل، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين. الثالث: لعل هذه الواقعة كانت قبل النبوة لقوله تعالى: ﴿فاجتباه﴾ أي: اختاره لرسالته ﴿ربه﴾ والفاء للتعقيب، قيل: إن هذه الآية نزلت بأحد حين حلّ برسول الله ﷺ ما حل، فأراد أن يدعو على الذين انهزموا، وقيل: حين أراد أن يدعو على ثقيف.
ثم سبب عن اجتبائه قوله تعالى: ﴿فجعله من الصالحين﴾ أي: الذين رسخوا في رتبة الصلاح فصلحوا في أنفسهم للنبوة والرسالة، وصلح بهم غيرهم فنبذ حينئذ بالعراء وهو محمود. قال ابن عباس: ردّ الله تعالى إليه الوحي وشفعه في نفسه وفي قومه وقبل توبته وجعله من الصالحين بأن أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون بسبب صبره، فمن صبر أعظم من صبره كان أعظم أجراً من أجره وأنت كذلك فأنت أشرف العالمين.
تنبيه: استدل أهل السنة على أن فعل العبد خلق لله تعالى بقوله سبحانه: ﴿فجعله من الصالحين﴾ لأن الصلاح إنما حصل بجعل الله تعالى وخلقه، وقال الجبائي: يحتمل أن يكون معنى جعل أنه أخبر بذلك، ويحتمل أن يكون لطف به حتى صلح إذ الجعل يستعمل في اللغة في هذه المعاني، والجواب: أن ذلك مجاز والأصل في الكلام الحقيقة.
(١٣/١٠١)