﴿إنهم﴾ أي: الكفار ﴿يرونه﴾ أي: ذلك اليوم الطويل أو عذابه ﴿بعيداً﴾ أي: زمن وقوعه لأنهم يرونه غير ممكن، أو يفعلون أفعال من يستبعده ﴿ونراه﴾ أي: لما لنا من العظمة التي قضت بوجوده وهو علينا هين ﴿قريباً﴾ سواء أريد بذلك قرب الزمان أو قرب المكان فهو هين على قدرتنا وهو آت لا محالة، وكل آت قريب، والقريب والبعيد عندنا على حدٍ سواء، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بالإمالة محضة، وورش بين بين، والباقون بالفتح.
وقوله تعالى: ﴿يوم تكون السماء﴾ متعلق بمحذوف، أي: يقع فيه من الأهوال ﴿كالمهل﴾ أي: كدردي الزيت، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: كالفضة البيضاء في تلونها ﴿وتكون الجبال﴾ أي: التي هي أشد الأرض وأثقل ما فيها ﴿كالعهن﴾ أي: كالصوف في الخفة والطيران بالريح. وقيل: أول ما تتفرق الجبال تصير رملاً ثم عهناً منفوشاً ثم هباء منثوراً منبثاً.
﴿ولا يسأل﴾ أي: من شدة الأهوال ﴿حميم حميماً﴾ أي: قريب في غاية القرب والصداقة قريباً مثله عن شيء من الأشياء لفرط الشواغل ولأنه قد كشفت لهم أنه لا تغني نفس عن نفس شيئاً وأنه قد تقطعت الأسباب وتلاشت الأنساب وعلم أنه لا عز إلا بالتقوى.
(١٣/١٣٧)
﴿يبصرونهم﴾ أي: يبصرهم بهم مبصر فلا يخفى أحد على أحد وإن بعد مكانه ﴿يودّ المجرم﴾ أي: يتمنى الكافر أو هذا النوع سواء كان كافراً أم مسلماً عاصياً علم أنه يعذب بعصيانه ﴿لو﴾ بمعنى أن ﴿يفتدى﴾ أي: يفدي نفسه ﴿من عذاب يومئذ﴾ أي: يوم إذ كانت هذه المخاوف. وقرأ نافع والكسائي بفتح الميم والباقون بكسرها، ﴿ببنيه﴾ أي: بأقرب الناس إليه وأعلقهم بقلبه لشدة ما يرى.