؟ أجيب: بأن دوامهم عليها أن لا يتركوها في وقت، ومحافظتهم عليها ترجع إلى الاهتمام بحالها حتى تأتي على أكمل الوجوه من المحافظة على شرائطها، والإتيان بها في الجماعة وفي المساجد الشريفة، وفي تفريغ القلب عن الوسواس والرياء والسمعة، وأن لا يلتفت يميناً ولا شمالاً، وأن يكون حاضر القلب فاهماً للأذكار، مطلعاً على حكم الصلاة متعلق القلب بدخول أوقات الصلاة.
(١٣/١٤١)
ولما ذكر تعالى زكاة الروح أتبعه زكاة عديلها، فقال تعالى مبينا للرسوخ في الوصف بالعطف بالواو: ﴿والذين في أموالهم﴾ التي منّ الله سبحانه بها عليهم ﴿حق معلوم﴾ أي: من الزكوات وجميع النفقات الواجبة. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: من أدى زكاة ماله فلا جناح عليه أن لا يتصدق ﴿للسائل﴾ أي: الذي يسأل ﴿والمحروم﴾ أي: الذي لا يسأل، فيحسب غنياً فيحرم فهو يتلظى بناره في ليله ونهاره، ولا مفزع له بعد ربه المالك لعلانيته وسره إلا إلى إفاضة مدامعه بذلة وانكسار، وهذا من الله تعالى حث على تفقد أرباب الضرورات ممن لا كسب له ومن افتقر بعد الغنى، وقد كان للسلف الصالح في هذا قصب السبق، حكي عن زين العابدين أنه لما مات وجد في ظهره آثار سواد كأنها السيور، فعجبوا منها فقال بعد موته نسوة أرامل: كان شخص يأتي إلينا ليلاً بقرب الماء على ظهره وأجربة الدقيق ففقدناه واحتجنا، فعلموا أنه هو وأن تلك السيور من ذلك، وحكي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما أن شخصاً رآه ماشياً في زمن خلافته في الليل فتبعه، فجاء إلى بيت نسوة أرامل فقال: أعندكن ماء وإلا املأ لكنّ، فأعطينه جرة فأخذها وذهب فملأها على كتفه وأتى بها إليهنّ. والحكايات عنهم في هذا كثيرة.