﴿وقالوا﴾ أي: لهم ﴿لا تذرن﴾ أي: تتركن ﴿آلهتكم﴾ أي: عبادتها على حالة من الحالات لا قبيحة ولا حسنة، وأضافوها إليهم تحبيباً فيها ثم خصوا بالتسمية زيادة في الحث وتصريحاً بالمقصود، فقالوا مكرّرين اليمين والعامل تأكيداً: ﴿ولا تذرنّ ودًّا﴾ قرأ نافع بضم الواو والباقون بفتحها، وأنشدوا بالوجهين قول الشاعر:

*حيال وودّ من هداك لقيته وحرض بأعلى ذي فضالة مسجد*
وقال القرطبي: قال الليث: وَدًّا بفتح الواو: صنم كان لقوم نوح، ووُدًّا بالضم: صنم لقريش وبه سمي عمرو بن وُد. وفي الصحاح والوَدّ بالفتح: الوتد في لغة أهل نجد، كأنهم سكنوا التاء وأدغموها في الدال ا. ه. ثم أعادوا النفي تأكيداً فقالوا: ﴿ولا سواعاً﴾ وأكدوا هذا التأكيد وأبلغوا فيه فقالوا: ﴿ولا يغوث﴾. ولما بلغ التأكيد نهايته وعلم أنّ القصد النهي عن كل فرد فرد لا عن المجموع تركوا التأكيد في قولهم: ﴿ويعوق ونسرا﴾ للعلم بإرادته.
(١٣/١٦٣)
واختلف المفسرون في هذه الأسماء فقال ابن عباس وغيره: هي أصنام وصور كان قوم نوح يعبدونها ثم عبدتها العرب، وهذا قول الجمهور، وقيل: إنها للعرب لم يعبدها غيرهم، وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم فلذلك خصوها بالذكر بعد قولهم: ﴿لا تذرنّ آلهتكم﴾ وقال عروة بن الزبير: اشتكى آدم عليه السلام وعنده بنوه ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وكان ودّ أكبرهم وأبرّهم به.


الصفحة التالية
Icon