وعلى هذا فالمراد بالحين المدة التي هو فيها في بطن أمه ﴿لم يكن شيئاً مذكوراً﴾ إذ كان علقة ومضغة؛ لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له وقوله تعالى: ﴿أمشاج﴾ أي: أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة المختلطين الممتزجين نعت لنطفة ووقع الجمع نعتاً لمفرد لأنه في معنى الجمع كقوله ﴿رفرف خضر﴾ أو جعل كل جزء من النطفة نطفة فوصفت بالجمع، وقال الزمخشريّ: ﴿نطفة أمشاج﴾ كبرمة أعشار وبرد أكياش، وهي ألفاظ مفردة غير جموع ولذلك وقعت صفات للأفراد، ويقال أيضاً: نطفة مشج قال الشماخ:

*طوت أحشاء مرتجة لوقت على مشج سلالته مهين*
ولا يصح أمشاج أن يكون تكسيراً له بل هما مثلان في الإفراد لوصف المفرد بهما اه. فقد منع أن يكون أمشاجاً جمع مشج بالكسر. قال أبو حيان: وقوله مخالف لنص سيبويه والنحويين على أنّ أفعالاً لا يكون مفرداً، وأجاب بعضهم بأن الزمخشري إنما قال يوصف به المفرد ولم يجعل أفعالاً مفرداً فكأنه جعل كل قطعة من البرمة برمة وكل قطعة من البرد برداً فوصفهما بالجمع، والمعنى: من نطفة قد امتزج فيها الماءان وكل منهما مختلف الأجزاء متباين الأوصاف في الرقة والثخن والقوام والخواص يجمع من الأخلاط وهي العناصر الأربعة: ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فأيهما علا كان الشبه له.
(١٣/٢٧٩)


الصفحة التالية
Icon