ولما ذكر جزاءهم ذكر وصفهم الذي يستحقون عليه ذلك بقوله تعالى: ﴿يوفون بالنذر﴾ وهذا يجوز أن يكون مستأنفاً ويجوز أن يكون خبراً لكان مضمرة. قال الفراء: التقدير: كانوا يوفون بالنذر في الدنيا وكانوا يخافون. وقال الزمخشري: يوفون جواب من عسى يقول: ما لهم يرزقون ذلك. قال أبو حيان: واستعمل عسى صلة لمن وهو لا يجوز، وأتى بالمضارع بعد عسى غير مقرون بأن وهو قليل أو في الشعر، والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات لأنّ من وفّى بما أوجبه هو على نفسه لوجه الله تعالى كان بما أوجبه الله تعالى عليه أوفى، وقال الكلبي:
﴿يوفون بالنذر﴾ أي: يتممون العهود لقوله تعالى: ﴿وأفوا بعهد الله﴾ (النمل: ٩١)
﴿أوفوا بالعقود﴾ (المائدة: ١)
(١٣/٢٨٦)
أمروا بالوفاء بها لأنهم عقدوها على أنفسهم باعتقادهم الإيمان. قال القرطبي: والنذر حقيقة ما أوجبه المكلف على نفسه من شيء يفعله، وإن شئت قلت في حدّه: هو إيجاب المكلف على نفسه من الطاعات ما لو لم يوجبه لم يلزمه. وروي أنه ﷺ قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه».