﴿مسكيناً﴾ أي: محتاجاً احتياجاً يسيراً فصاحب الاحتياج الكثير أولى ﴿ويتيماً﴾ أي: صغيراً لا أب له ﴿وأسيراً﴾ أي: في أيدي الكفار. وخص هؤلاء بالذكر لأنّ المسكين عاجز عن الاكتساب بنفسه عما يكفيه، واليتيم مات من يكتسب له وبقي عاجزاً عن الكسب لصغره، والأسير لا يتمكن لنفسه نصراً ولا حيلة.
وقال مجاهد وسعيد بن جبير رضي الله عنهم: الأسير المحبوس فيدخل في ذلك المملوك والمسجون والكافر الذي في أيدي المسلمين، وقد نقل في غزوة بدر أن بعض الصحابة رضي الله عنهم كان يؤثر أسيره على نفسه بالخبز، وكان الخبز إذ ذاك عزيزاً حتى كان ذلك الأسير يعجب من مكارمهم حتى كان ذلك مما دعاه إلى الإسلام، وذلك لأنّ النبيّ ﷺ لما دفعهم إليهم قال: «استوصوا بهم خيراً». وقيل: الأسير المملوك، وقيل: المرأة لقول النبيّ ﷺ «اتقوا الله في النساء فإنهنّ عندكم عوان» أي: أسرى.
وقوله تعالى: ﴿إنما نطعمكم﴾ على إضمار القول أي: يقولون بلسان المقال أو الحال: إنما نطعمكم أيها المحتاجون ﴿لوجه الله﴾ أي: لذات الملك الذي استجمع الجلال والإكرام لكونه أمرنا بذلك، وعبر بالوجه لأنّ الوجه يستحى منه ويرجى ويخشى عند رؤيته ﴿لا نريد منكم﴾ لأجل ذلك ﴿جزاء﴾ أي: لنا من أعراض الدنيا ﴿ولا شكوراً﴾ أي: لشي من قول ولا فعل، روي أنّ عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تبعث بالصدقة إلى أهل بيت ثم تسأل المبعوث ما قالوا، فإن ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصاً عند الله تعالى.
(١٣/٢٨٨)