على الأوّل بالألف وعلى الثاني بغير ألف ظاهر، وأما من لم ينوّنهما ووقف على الأوّل بألف وعلى الثاني بدونها فلأنّ الأوّل رأس آية فناسب بينه وبين رؤوس الأي في الوقف بالألف وفرق بينه وبين الثاني لأنه ليس برأس آية، وأما من لم ينوّنهما ووقف عليهما بالألف، فإنه ناسب بين الأول وبين رؤوس الأي وناسب بين الثاني وبين الأول.
(١٣/٢٩٤)
وقال الزمخشري: وهذا التنوين بدل من ألف الإطلاق؛ لأنها فاصلة وفي الثاني لإتباعه الأوّل يعني: أنهم يأتون بالتنوين بدلاً من حرف الإطلاق الذي للترنم، كقوله:
*يا صاح ما هاج العيون الذرفن*
وقوله تعالى ﴿قدّروها تقديراً﴾ صفة لقوارير من فضة وفي الواو في قدّروها وجهان: أحدهما: أنه للمطاف عليهم، ومعنى تقديرهم لها أنهم قدروها في أنفسهم أن تكون على تقادير وأشكال على حسب شهواتهم فجاءت كما قدّروا. والثاني: أنه للطائفين بها دل عليه قوله تعالى: ﴿ويطاف عليهم﴾ (الإنسان: ١٥)
على أنهم قدّروا شرابها على قدر الري وهو ألذ للشارب لكونه على مقدار حاجته لا يفضل عنه ولا يعجز، وعن مجاهد رضي الله عنه لا تغيض ولا تفيض وعن ابن عباس رضي الله عنهما قدّروها على ملء الكف حتى لا تؤذيهم بثقل أو بإفراط صغر، وجوّز أبو البقاء أن تكون الجملة مستأنفة.
﴿ويسقون﴾ أي: ممن أرادوه من خدمهم الذين لا يحصون كثرة ﴿فيها﴾ أي: في الجنة أو تلك الأكواب ﴿كأساً﴾ أي: خمراً في إناء ﴿كان مزاجها﴾ أي: ما تمزج به على غاية الإحكام ﴿زنجبيلاً﴾ أي: غاية اللذة، وكانت العرب تلتذ بالشراب الممزوج به لهضمه وتطييبه الطعم، والزنجبيل: نبت معروف، وسمي الكأس بذلك لوجود طعم الزنجبيل فيها قال الأعشى:

*كأن القرنفل والزنجبي ل باتابفيها وأريا مشورا*
وقال المسيب بن علس:
*وكأن طعم الزنجبيل به إذ اذقته وسلافة الخمر*
(١٣/٢٩٥)


الصفحة التالية
Icon