﴿ومن الليل﴾ أي: بعضه والباقي للراحة بالنوم ﴿فاسجد له﴾ أي: المغرب والعشاء ﴿وسبحه ليلاً طويلاً﴾ أي: صل التطوّع فيه كما تقدّم من ثلثيه أو نصفه أو ثلثه أو اذكره بلسانك بكرة عند قيامك من منامك الذي هو الموتة الصغرى وتذكرك أنه يحيي الموتى ويحشرهم جميعاً وأصيلاً أي: عند انقراض نهارك وتذكرك انقراض دنياك وطي هذا العالم لأجل يوم الفصل، وفي ذكر الوقتين إشارة إلى دوام الذكر وذكر اسمه لازم لذكره والذي عليه أكثر المفسرين. الأوّل قال ابن عباس وسفيان: كل تسبيح في القرآن فهو صلاة لأنّ الصلاة أفضل الأعمال البدنية لأنها أعظم الذكر لأنها ذكر اللسان والجنان والأركان فوظفت فيها أركان لسانية وحركات وسكنات على هيئات مخصوصة من عادتها أن لا تفعل إلا بين يدي الملوك.
ولما خاطب رسول الله ﷺ بالتعظيم والأمر والنهي عدل سبحانه إلى شرح أحوال الكفار والمتمردّين فقال تعالى: ﴿إنّ هؤلاء﴾ أي: الذين يغفلون عن الله من الكفار والمتمردّين ﴿يحبون﴾ أي: محبة تجدّد عندهم زيادتها في كل وقت ﴿العاجلة﴾ لقصور نظرهم وجمودهم على المحسوسات التي الإقبال عليها منشأ البلادة والقصور ومعدن الأمراض للقلوب التي في الصدور، ومن تعاطى أسباب الأمراض مرض وسمي كفوراً، ومن تعاطى ضدّ ذلك شفي وسمي شاكراً.
(١٣/٣٠٥)
﴿ويذرون﴾ أي: ويتركون ﴿وراءهم﴾ أي: قدّامهم على وجه الإحاطة بهم وهم عنه معرضون كما يعرض الإنسان عما وراءه أو خلف ظهورهم لا يعبؤون به وقوله تعالى: ﴿يوماً﴾ مفعول يذرون لا ظرف وقوله تعالى: ﴿ثقيلاً﴾ وصف له استعير له الثقل لشدّته وهو له من الشيء الثقيل الباهظ لحامله ونحوه ثقلت في السموات والأرض.


الصفحة التالية
Icon