﴿فالملقيات ذكراً﴾ أي: الملائكة تنزل بالوحي إلى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وقيل: هو جبريل عليه السلام وحده سمي باسم الجمع تعظيماً.
فإن قيل: ما المناسبة على هذا بين الرياح والملائكة في القسم؟ أجيب: بأنّ الملائكة روحانيون، فهم بسبب لطافتهم وسرعة حركاتهم كالرياح.
وقيل: المراد به الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل عليهم، وذكراً مفعول به ناصبه الملقيات.
﴿عذراً أو نذراً﴾ مصدران من عذر إذا محا الإساءة، ومن أنذر إذا خوّف على فعل كالكفر والشكر. ويجوز أن يكون جمع عذير بمعنى المعذور، وجمع نذير بمعنى الإنذار، وبمعنى العاذر والمنذر. ونصبهما إمّا على البدل من ذكراً على الوجهين الأوّلين أو على المفعول له، وإمّا على الوجه الثالث، فعلى الحال بمعنى عاذرين أو منذرين. وقرأ ﴿أو نذراً﴾ نافع وابن كثير وابن عامر وشعبة بضم الذال والباقون بسكونها.
وقوله تعالى: ﴿إنما توعدون لواقع﴾ جواب القسم، ومعناه أنّ الذي توعدونه من مجيء القيامة كائن لا محالة، وقال الكلبي: المراد أنّ كل ما توعدون به من الخير والشرّ لواقع.
ثم بين وقت وقوعه فقال تعالى: ﴿فإذا النجوم﴾ أي: على كثرتها ﴿طمست﴾ أي: محي نورها أو ذهب نورها ومحقت ذواتها، وهو موافق لقوله تعالى: ﴿انتثرت﴾ (الإنفطار: ٢٠)
و ﴿انكدرت﴾ (التكوير: ٢)
قال الزمخشري: ويجوز أن يمحق نورها ثم تنتثر ممحوقة النور.
﴿وإذا السماء﴾ أي: على عظمها ﴿فرجت﴾ أي: فتحت وشققت فكانت أبواباً، والفرج الشق ونظيره ﴿إذا السماء انشقت﴾ (الانشقاق: ١)
(١٣/٣١٠)
﴿وإذا الجبال﴾ أي: على صلابتها ﴿نسفت﴾ أي: ذهب بها كلها بسرعة من نسفت الشيء: إذا اختطفته، أو نسفت كالحب إذا نسف بالمنسف، ونحوه ﴿وبست الجبال بساً﴾ (الواقعة: ٥)
﴿وكانت الجبال كثيباً مهيلاً﴾ (المزمل: ١٤)