﴿ألم نهلك﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿الأوّلين﴾ من لدن آدم عليه السلام إلى زمن محمد ﷺ كقوم نوح وعاد وثمود بتكذيبهم أي: أهلكناهم ﴿ثم نتبعهم الآخرين﴾ أي: ممن كذبوا ككفار مكة فنهلكهم كما أهلكنا الأوّلين ونسلك بهم سبيلهم؛ لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم.
﴿كذلك﴾ أي: مثل ذلك الفعل الشنيع ﴿نفعل بالمجرمين﴾ أي: بكل من أجرم فيما يستقبل إمّا بالسيف وإمّا بالهلاك.d
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ يوجد ذلك الفعل ﴿للمكذبين﴾ أي: بآيات الله وأنبيائه، قال البيضاوي: فليس تكراراً وكذا إن أطلق التكذيب أو علق في الموضعين بواحد لأنّ الويل الأوّل بعذاب الآخرة، وهذا للإهلاك في الدنيا مع أنّ التكرير للتوكيد حسن شائع في كلام العرب.
(١٣/٣١٣)
﴿ألم نخلقكم﴾ أي: أيها المكذبون بما لنا من العظمة التي لا تغيرها عظمة ﴿من ماء مهين﴾ أي: ضعيف حقير وهو المني، وهذا نوع آخر من تخويف الكفار وهو من وجهين: الأوّل: أنه تعالى ذكرهم عظيم إنعامه عليهم وكل ما كان نعمه عليه أكثر كان جنايته في حقه أقبح وأفحش. الثاني: أنه تعالى ذكرهم أنه قادر على الابتداء، والقادر على الابتداء قادر على الإعادة، فكما أنكروا هذه الدلالة الظاهرة لا جرم قال تعالى في حقهم: ﴿ويل يومئذ للمكذبين﴾ وهذه الآية نظير قوله تعالى: ﴿ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين﴾ (السجدة: ٨)
. وقرأ كل القراء بإدغام القاف في الكاف وإبقاء الصفة ولهم أيضاً إدغام الصفة مع الحذف.
﴿فجعلناه﴾ أي: بما لنا من القدرة والعظمة بالإنزال للماء في الرحم ﴿في قرار﴾ أي: مكان ﴿مكين﴾ أي: حريز وهو الرحم.
﴿إلى قدر معلوم﴾ أي: وهو وقت الولادة، كقوله تعالى: ﴿إن الله عنده علم الساعة﴾ إلى قوله: ﴿ويعلم ما في الأرحام﴾ (لقمان: ٣٤)


الصفحة التالية
Icon