﴿فقدرنا﴾ أي: ذلك دون غيرنا ﴿فنعم القادرون﴾ نحن، وقرأ نافع والكسائي بتشديد الدال فيصح على هذه القراءة أن يكون المعنى: فقدّرناه والباقون بالتخفيف، وقال عليّ كرم الله وجهه: ولا يبعد أن يكون المعنى في التخفيف والتشديد واحداً؛ لأنّ العرب تقول: قدر وقدرعليه الموت.
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ كان ذلك ﴿للمكذبين﴾ أي: بقدرتنا على ذلك أو على الإعادة.
وقوله تعالى: ﴿ألم نجعل﴾ أي: نصير بما شئنا بما لنا من العظمة ﴿الأرض كفاتاً﴾ مصدر كفت بمعنى ضم وعاء ضامّة.
(١٣/٣١٤)
﴿أحياء﴾ أي: على ظهرها في الدور وغيرها ﴿وأمواتاً﴾ أي: في بطنها في القبور وغيرها. وقيل: الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض أي: الأرض منقسمة إلى حيّ وهو الذي ينبت، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت، وقيل: كفاتاً جمع كافت كصيام وقيام جمع صائم وقائم، وقال الخليل: تقليب الشيء ظهراً لبطن أو بطناً لظهر ويقال انكفت القوم إلى منازلهم، أي: انقلبوا، فمعنى الكفات أنهم يتصرّفون على ظهرها وينقلبون إليها فيدفعون فيها.
﴿وجعلنا﴾ أي: بما لنا من القدرة التامّة ﴿فيها﴾ أي: الأرض ﴿رواسي﴾ أي: جبالاً لولاها لمادت بأهلها، ومن العجائب مراسيها من فوقها خلافاً لمراسي السفن ﴿شامخات﴾ أي: مرتفعات جمع شامخ وهو المرتفع جدّاً، ومنه شمخ بأنفه إذا تكبر، جعل كناية عن ذلك كثنى العطف وصعر الخدّ، كما قال لقمان لابنه: ﴿ولا تصعر خدّك للناس﴾ (لقمان: ١٨)
﴿وأسقيناكم﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿ماء﴾ أي: من الأنهار والعيون والغدران والآبار وغير ذلك ﴿فراتاً﴾ أي: عذباً تشربون منه ودوابكم وتسقون منه زرعكم، وهذه الأمور أعجب من البعث، روي في الأرض من الجنة سيحان وجيحان والنيل والفرات كل من أنهار الجنة.
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ تقوم الساعة ﴿للمكذبين﴾ أي: بأمثال هذه النعم.