وقوله تعالى: ﴿انطلقوا﴾ على إرادة القول، أي: يقال للمكذبين يوم القيامة: انطلقوا. ﴿إلى ما كنتم به تكذبون﴾ من العذاب يعني: النار فقد شاهدتموها عياناً.
﴿انطلقوا إلى ظل﴾ أي: ظل دخان جهنم لقوله تعالى: ﴿وظل من يحموم﴾ (الواقعة: ٤٣)
(١٣/٣١٥)
. ﴿ذي ثلاث شعب﴾ أي: تشعب لعظمه كما يرى الدخان العظيم يتفرّق ذوائب. وقيل: يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كالسرادق ويتشعب من دخانها ثلاث شعب فتظللهم حتى يفرغ حسابهم والمؤمنون في ظل العرش، وقيل: إن الشعب الثلاث: هي الضريع والزقوم والغسلين؛ لأنها أوصاف النار وقوله تعالى: ﴿لا ظليل﴾ أي: كنين يظلهم من حرّ ذلك اليوم تهكم بهم وردّ لما يوهم لفظ الظل. ﴿ولا يغني﴾ أي: ولا يردّ عنهم شيئاً ﴿من اللهب﴾ أي: لهب النار، فليس كالظل الذي يقي حرّ الشمس، وهذا تهكم بهم وتعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين. واللهب ما يعلو على النار إذا اضطربت من أحمر وأصفر وأخضر.
﴿إنها﴾ أي: النار ﴿ترمي﴾ أي: من شدّة الاشتعال ﴿بشرر﴾ وهو ما تطاير من النار ﴿كالقصر﴾ أي: كل شررة كالقصر من البناء في عظمه وارتفاعه. قال ابن مسعود: يعني الحصون، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿ترمي بشرر كالقصر﴾ قيل: هي الخشب العظام المقطعة، قال: وكنا نعمد إلى الخشبة فنقطعها ثلاثة أذرع وفوق ذلك ودونه ندّخرها للشتاء فكنا نسميها القصر. وقال سعيد بن جبير والضحاك: هي أصول النخل والشجر العظام واحدتها قصرة مثل جمرة وجمر.
وقوله تعالى: ﴿كأنه﴾ أي: الشرر ﴿جمالات﴾ قرأه حمزة والكسائي وحفص بغير ألف بعد اللام على التوحيد والباقون بالألف على الجمع، جمع جمالة وهي التي قرأ بها أوّلاً وهي جمع جمل مثل حجارة وحجر. وقوله تعالى: ﴿صفر﴾ جمع أصفر أي: في هيئتها ولونها. وفي الحديث «شرار النار أصفر كالقير» والعرب تسمي سود الإبل صفراً لشوب سوادها بصفرة، فقيل: صفر في الآية بمعنى سود لما ذكروا في شعر عمران بن حطان الخارجي: