وعن ابن عمر أنه قرأ هذه السورة فلما بلغ قوله تعالى: ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ بكى نحيباً وامتنع من قراءة ما بعده. وعن بعض المفسرين أنّ لفظ التطفيف يتناول التطفيف في الوزن والكيل. وفي إظهار العيب وإخفائه وفي طلب الإنصاف والانتصاف، ويقال: من لم يرض لأخيه المسلم ما يرضاه لنفسه فليس بمنصف، والمعاشرة والصحبة في هذه المادّة، والذي يرى عيب الناس ولا يرى عيب نفسه من هذه الجملة، ومن طلب حق نفسه من الناس ولا يعطيهم حقوقهم كما يطلبه.
وقوله تعالى: ﴿كلا﴾ ردع، أي: ليس الأمر على ما هم عليه فليرتدعوا، وههنا تم الكلام. وقال الحسن: كلا ابتداء متصل بما بعده على معنى حقاً، وجرى الجلال المحلي وأكثر المفسرين على الأوّل.
﴿إنّ كتاب الفجار﴾ أي: كتب أعمال الكفار وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف. واختلف في معنى قوله سبحانه وتعالى: ﴿لفي سجين﴾ فقيل: هو كتاب جامع، وهو ديوان الشر دوّن الله تعالى فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والفسقة من الجنّ والإنس، وقيل: هو مكان تحت الأرض السابعة وهو محل إبليس وجنوده. وقال عبد الله بن عمر: سجين في الأرض السابعة السفلى فيها أرواح الكفار.﴿{
(١٣/٣٩٠)
وعن البراء قال: قال رسول الله ﷺ «سجين أسفل سبع أرضين وعليون في السماء السابعة تحت العرش». وقال الكلبي: هو صخرة تحت الأرض السابعة خضراء خضرة السموات منها يجعل كتاب الفجار فيها. وقال وهب: هي آخر سلطان إبليس. وعن كعب الأحبار: أنّ روح الفاجر يعني: الكافر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها، ثم هبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين، وهو موضع جند إبليس وذلك استهانة بها، ويشهدها الشياطين المدحورون كما يشهد ديوان الخير الملائكة المقرّبون. وقال عكرمة: لفي سجين، أي: في خسار وضلال.
{وما أدراك﴾
أي: جعلك دارياً وإن اجتهدت في ذلك.


الصفحة التالية
Icon