﴿ما سجين﴾ وقال الزجاج: أي: ليس لك ذلك ما كنت تعلمه أنت ولا قومك.
وقوله تعالى: ﴿كتاب مرقوم﴾ ليس تفسيراً لسجين بل هو بيان للكتاب المذكور في قوله تعالى: ﴿إن كتاب الفجار﴾ أي: هو كتاب مرقوم، أي: مسطور بين الكتابة مكتوب فيه أعمالهم مثبت عليهم كالرقم في الثوب لا ينسى ولا يمحى حتى يجازون به، أو معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه. وقيل: الرقم الختم بلغة حمير، واقتصر على هذا الجلال المحلي. وقال قتادة: رقم عليه بشرّ كأنه علم بعلامة يعرف بها أنه كافر. والمعنى: أنّ ما كتب من أعمال الفجار مثبت في ذلك الديوان، وسمي سجيناً فعيلاً من السجن وهو الحبس والتضييق في جهنم، أو لأنه مطروح تحت الأرض كما مرّ.
فإن قيل: سجين هل هو اسم أو صفة؟ أجيب: بأنه اسم علم منقول من وصف كحاتم، وهو منصرف لأنه ليس فيه إلا سبب واحد وهو التعريف.
﴿ويل﴾ أي: أعظم الهلاك ﴿يومئذ﴾ أي: إذ تقوم الناس لما تقدّم ﴿للمكذبين﴾ أي: بذلك أو بالحق. وقوله تعالى:
﴿الذين يكذبون بيوم﴾ أي: بسبب الإخبار بيوم ﴿الدين﴾ أي: الجزاء الذي هو سر الوجود بدل أو بيان للمكذبين، ثم أخبر عن صفة من يكذب بيوم الدين بثلاث صفات ذكر أولها بقوله تعالى:
(١٣/٣٩١)
﴿وما﴾ أي: والحال أنه ما ﴿يكذب به﴾ أي: بذلك اليوم ﴿إلا كل معتد﴾ أي: متجاوز عن النظر غال في التقليد، حتى استقصر قدرة الله تعالى وعلمه، فاستحال منه الإعادة. ثم ذكر الصفة الثانية بقوله تعالى: ﴿أثيم﴾ أي: منهمك في الشهوات المحرجة بحيث اشتغل عما وراءها وحملته على الإنكار لما عداها. ثم ذكر الصفة الثالثة بقوله تعالى:
﴿إذا تتلى عليه آياتنا﴾ أي: القرآن ﴿قال أساطير الأوّلين﴾ أي: الحكايات سطرت قديماً جمع أسطور بالضم، وذلك لفرط جهله وإعراضه عن الحق فلا تنفعه شواهد النقل كما لا تنفعه دلائل العقل، وهذا عام في كل موصوف بذلك، وقال الكلبي: هو الوليد بن المغيرة. وقيل: هو النضر بن الحارث. وقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon