﴿وفي ذلك﴾ أي: الأمر العظيم البعيد التناول، وهو العيش والنعيم أو الشراب الذي هذا وصفه ﴿فليتنافس﴾ أي: فليرغب غاية الرغبة بجميع الجهد والاختيار ﴿المتنافسون﴾ أي: الذين من شأنهم المنافسة، وهو أن يطلب كل منهم أن يكون ذلك المتنافس فيه لنفسه خاصة دون غيره؛ لأنه نفيس جداً، والنفيس هو الذي تحرص عليه نفوس الناس وتتغالى فيه، والمنافسة في مثل هذا بكثرة الأعمال الصالحة والنيات الخالصة.
وقال مجاهد: فليعمل العاملون نظيره قوله تعالى: ﴿لمثل هذا فليعمل العاملون﴾ (الصافات: ٦١)
وقال مقاتل بن سليمان: فليسارع المتسارعون. وقال عطاء: فليستبق المستبقون. وقال الزمخشري: فليرتقب المرتقبون. والمعنى: واحد. وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس ويريده كل أحد لنفسه، وينفس فيه على غيره أي: يضنّ.
﴿ومزاجه﴾ أي: ما يمزج به ذلك الرحيق ﴿من تسنيم﴾ وهو علم لعين بعينها سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه؛ لأنها تأتيهم من فوق على ما روي أنها تجري في الهواء مسنمة فتصب في أواني أهل الجنة على مقدار الحاجة، فإذا امتلأت أمسكت.
وقوله تعالى: ﴿عيناً﴾ نصب على المدح، وقال الزجاج: نصب على الحال. ﴿يشرب بها﴾ أي: بسببها على طريقة المزج منها ﴿المقرّبون﴾ وضمن يشرب معنى يلتذ، فهم يشربونها صرفاً، وتمزج سائر أهل الجنة.
(١٣/٣٩٧)
﴿إنّ الذين أجرموا﴾ أي: قطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وهم رؤوساء قريش. ﴿كانوا من الذين آمنوا﴾ وهم فقراء الصحابة عمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين ﴿يضحكون﴾ أي: استهزاء بهم.
﴿وإذا مرّوا﴾ أي: المؤمنون ﴿بهم﴾ أي: بالذين أجرموا ﴿يتغامزون﴾ أي: يشير المجرمون إلى المؤمنين بالجفن والحاجب استهزاء بهم. وقيل: يغمز بعضهم بعضاً ويشيرون بأعينهم.x