﴿وأمّا من أوتي كتابه وراء ظهره﴾ وهو الكافر تغل يمناه إلى عنقه، وتجعل يسراه وراء ظهره فيأخذ بها كتابه.
﴿فسوف يدعو﴾ أي: بوعد لا خلف في وقوعه ﴿ثبوراً﴾ يقول: يا ثبوراه، والثبور: الهلاك، كقوله تعالى: ﴿دعوا هنالك ثبوراً﴾ (الفرقان: ١٣)
﴿ويصلى سعيراً﴾ أي: يدخل النار الشديدة. وقرأ أبو عمرو وعاصم بفتح الياء وسكون الصاد وتخفيف اللام، والباقون بضم الياء وفتح الصاد وتشديد اللام، وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة، وقرأ ورش بالفتح وبين اللفظين، وإذا فتح ورش غلظ اللام، وإذا أمال رقق والباقون بالفتح.
(١٣/٤٠٣)
﴿إنه كان﴾ أي: بما هو له كالجبلة ﴿في أهله﴾ أي: عشيرته في الدنيا ﴿مسروراً﴾ قال القفال: أي: منعماً مستريحاً من التعب بأداء العبادات واحتمال مشقة الفرائض من الصلاة والجهاد مقدماً على المعاصي آمناً من الحساب والثواب والعقاب لا يخاف الله تعالى، ولا يرجوه فأبدله الله تعالى بذلك السرور غماً باقياً لا ينقطع.
وقيل: إنّ قوله تعالى: ﴿إنه كان في أهله مسروراً﴾ كقوله تعالى: ﴿وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين﴾ (المطففين: ٣١)
أي: متنعمين في الدنيا معجبين بما هم عليه من الكفر بالله تعالى والتكذيب بالبعث، ويضحكون ممن آمن بالله تعالى، وصدّق بالحساب كما قال ﷺ «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». ﴿إنه ظنّ﴾ أي: لضعف نظره ﴿أن﴾ مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي: أنه ﴿لن يحور﴾ أي: لن يرجع إلى الله تعالى تكذيباً بالمعاد. يقال: لا يحور ولا يحول، أي: لا يرجع ولا يتغير. قال لبيد:
*وما المرء إلا كالشهاب وضوئه
... يحور رماداً بعد إذ هو ساطع
وعن ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى يحور حتى سمعت أعرابية تقول لبنية لها: حوري، أي: ارجعي.