وقوله تعالى: ﴿بلى﴾ إيجاب لما بعد النفي في لن يحور، أي: بلى ليحورنّ. ﴿إنّ ربه﴾ أي: الذي ابتدأ إنشاؤه ورباه ﴿كان﴾ أي: أزلاً وأبداً ﴿به بصيراً﴾ أي: من يوم خلقه إلى يوم بعثه، أو بأعماله لا ينساها. وقال عطاء: بصيراً بما سبق عليه في أمّ الكتاب من الشقاوة.
واختلفوا في الشفق في قوله تعالى:
(١٣/٤٠٤)
﴿فلا أقسم بالشفق﴾ فقال مجاهد: هو النهار كله. وقال عكرمة: ما بقي من النهار. وقال ابن عباس وأكثر المفسرين: هو الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس. وقال قوم: هو البياض الذي يعقب تلك الحمرة.
تنبيه: سمي بذلك لرقته، ومنه الشفقة على الإنسان رقة القلب عليه واللام في لا أقسم مزيدة للتأكيد.
﴿والليل﴾ أي: الذي يغلبه ويذهبه ﴿وما وسق﴾ أي: ما جمع وضم يقال وسقه فاتسق واستوسق قال الشاعر:
*مستوسقات لو يجدن سائقاً*
ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين اتسع واستوسع، ومعناه: وما جمعه وستره وآوى إليه من الدواب وغيرها.
﴿والقمر﴾ أي: الذي هو آيته ﴿إذا اتسق﴾ أي: إذا اجتمع واستوى ليلة أربع عشرة. وقال قتادة: استدار وهو افتعل من الوسق.
تنبيه: قد اختلف العلماء في القسم بهذه الأشياء هل هو قسم بها أو بخالقها؟ فذهب المتكلمون. إلى أنّ القسم واقع بربها وإن كان محذوفاً؛ لأنّ ذلك معلوم من حيث ورود الحظر بأن يقسم بغير الله تعالى أو بصفة من صفاته، وقد مرّ أنّ ذلك يكره في حق الإنسان، فإنّ الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه وجواب القسم.{{
(١٣/٤٠٥)


الصفحة التالية
Icon