وقد قال تعالى في ص: ﴿ما منعك أن تسجد﴾ وأجاز الأخفش أيضاً أن تكون بمعنى إلا. وقيل: هي نفي صحيح، والمعنى: لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه، حكاه مكي. وأجمعوا على أن المراد بالبلد في قوله تعالى: ﴿بهذا البلد﴾، أي: الحرام وهو مكة، وفضلها معروف فإنه تعالى جعلها حرماً آمناً. وقال تعالى: ﴿ومن دخله كان آمناً﴾ (آل عمران: ٩٧)
وجعل مسجده قبلة لأهل المشرق والمغرب. فقال تعالى: ﴿وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾ (البقرة: ١٤٤)
وأمر الناس بحج البيت فقال تعالى: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع﴾ (آل عمران: ٩٧)
وقال تعالى: ﴿وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً﴾ (البقرة: ١٢٥)
وقال تعالى: ﴿وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت﴾ (الحج: و٢٦)
وقال تعالى: ﴿وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق﴾ (الحج: ٢٧)
وشرف مقام إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾ (البقرة: ١٢٥)
وحرم صيده وجعل البيت المعمور بإزائه، ودحيت الأرض من تحته، فهذه الفضائل وأكثر منها إنما اجتمعت في مكة لا جرم أقسم الله تعالى بها.
﴿وأنت﴾، أي: يا أشرف الخلق ﴿حل﴾، أي: حلال لك ما لم يحل لغيرك من قتل من تريد ممن يدعي أنه لا قدرة لأحد عليه ﴿بهذا البلد﴾ بأن يحل لك فتقاتل فيه.
(١٣/٤٦٢)


الصفحة التالية
Icon