(١٣/٤٦٨)
وعن أبي حنيفة أن العتق أفضل من الصدقة، وعن صاحبيه: الصدقة أفضل. قال الزمخشري: والآية أدل على قول أبي حنيفة لتقديم العتق. وقال عكرمة: يعني فك رقبته من الذنوب. وقال الماوردي: ويحتمل أنه أراد فك رقبته وخلاص نفسه باجتناب المعاصي وفعل الطاعات، ولا يمنع الخبر من هذا التأويل وهو أشبه بالصواب.
﴿أو إطعام﴾، أي: دفع الإطعام لشيء له قابلية ذلك. ﴿في يوم ذي مسغبة﴾، أي: مجاعة، والسغب: الجوع.
﴿يتيماً﴾، أي: إنساناً صغيراً لا أب له ﴿ذا مقربة﴾، أي: ذا قرابة لك بأن كان بينك وبينه قرابة، يقال: فلان ذو قرابتي، وذو مقربتي.
﴿أو مسكيناً﴾ وهو من له مال أو كسب يقع موقعاً من كفايته، ولا يكفيه. ﴿ذا متربة﴾، أي: لصوق بالتراب لفقره. يقال: ترب إذا افتقر، ومعناه: التصق بالتراب وأما أترب فاستغنى، أي: صار ذا مال كالتراب في الكثرة كما قيل: أثرى. وعنه ﷺ في قوله تعالى: ﴿ذا متربة﴾: «الذي مأواه المزابل» قال ابن عباس رضي الله عنهما: «هو المطروح على الطرق الذي لا بيت له». وقال مجاهد: وهو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره. وقال قتادة: أنه ذو العيال. واحتج بهذه الآية على أنّ المسكين يملك شيئاً لأنه لو كان لا يملك شيئاً لكان تقييده بقوله تعالى: ﴿ذا متربة﴾ تكريراً. وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة برفع الكاف وجرّ رقبة وكسر همزة إطعام وفتح العين وبعدها ألف ورفع الميم منوّنة، والباقون فك بنصب الكاف رقبة بالنصب أطعم بفتح الهمزة والعين والميم بغير تنوين، ولا ألف بين العين والميم.
فإن قيل: قوله تعالى: ﴿فلا اقتحم العقبة﴾ إلى آخره ذكر لا مرّة واحدة. قال الفرّاء والزجاج: والعرب لا تكاد تفرد لا مع الفعل الماضي حتى تعيد لا كقوله تعالى: ﴿فلا صدّق ولا صلى﴾ (القيامة: ٣١)
؟.
أجيب: بأنه إنما أفردها لدلالة آخر الكلام على معناه فيجوز أن يكون قوله تعالى:
(١٣/٤٦٩)