(١٤/١٠)
ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم يلبث ورقة أن توفي وفتر الوحي» زاد البخاري قال: «وفتر الوحي حتى حزن النبيّ ﷺ فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً حتى يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل عليه السلام فقال له: يا محمد إنك لرسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه، وتقرّ نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا مثل ذلك، فإذا وافى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له: مثل ذلك». ففي الحديث دليل صحيح على أن سورة اقرأ أوّل ما نزل من القرآن، وفيه ردّ على من قال: إنّ المدثر أول ما نزل من القرآن، وعلى من قال: إنّ الفاتحة أوّل ما نزل ثم سورة القلم. وفي هذا الحديث من مراسيل الصحابة، ومرسل الصحابي حجة عند جميع العلماء إلا ما انفرد به الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني. وإنما ابتدئ ﷺ بالرؤيا لئلا يفجأه الملك فيأتيه بصريح النبوّة بغتة فلا تحملها القوى البشرية، فبدئ بأوائل علامة النبوّة توطئة للوحي.
تنبيه: محل﴿باسم ربك﴾ النصب على الحال، أي: اقرأ مفتتحاً باسم ربك أو مستعيناً به، قل: بسم الله ثم اقرأ. وقال أبو عبيدة: مجازه اقرأ اسم ربك، يعني: أنّ الباء زائدة، والمعنى: اذكر اسمه، أمر أن يبتدئ القراءة باسم الله تعالى تأديباً. وقيل: الباء بمعنى على، أي: أقرأ على اسم ربك كما في قوله تعالى: ﴿وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها﴾ (هود: ٤١)
قاله الأخفش. فإن قيل: كيف قدم هذا الفعل على الجاررّ وقدر مؤخراً في بسم الله الرحمن الرحيم، أي: على سبيل الأولوية كما في ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ (الفاتحة: ٤)
(١٤/١١)


الصفحة التالية
Icon