ولأنه تعالى مقدم ذاتاً لأنه قديم واجب الوجود لذاته فيقدم ذكراً؟ أجيب: بأن هذا في ابتداء القراءة وتعليمها لما مرّ أنها أول سورة نزلت فكان الأمر بالقراءة أهم باعتبار هذا العارض، وإن كان ذكر الله تعالى أهم في نفسه. وذكرت أجوبة غير هذا في مقدّمتي على البسلمة والحمدلة
وقوله تعالى: ﴿الذي خلق﴾ يجوز أن لا يقدّر له مفعول، ويراد أنه الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه وأن يقدّر له مفعول ويراد خلق كل شيء فيتناول كل مخلوق لأنه مطلق فليس بعض المخلوقات أولى بتقديره من بعض.
وقوله تعالى: ﴿خلق الإنسان﴾ أي: هذا الجنس الذي من شأنه الإنس بنفسه، وما رأى من أخلاقه وحسنه وما ألفه من أبناء جنسه تخصيص بالذكر من بين ما يتناوله الخلق لأنّ التنزيل إليه وهو أشرف ما على الأرض ويجوز أن يراد الذي خلق الإنسان كما قال الله تعالى: ﴿الرحمن علم القرآن خلق الإنسان﴾ (الرحمن: ١ ـ ٢)
فقيل: الذي خلق مبهماً، ثم فسره بقوله: ﴿خلق الإنسان﴾ تفخيماً لخلق الإنسان ودلالة على عجيب فطرته وقوله تعالى: ﴿من علق﴾ جمع علقة وهي الدم الجامد، فإذا جرى فهو المسفوح ولما كان الإنسان اسم جنس في معنى الجمع جمع العلق، ولمشاكلة رؤس الآي أيضاً
وقوله تعالى: ﴿اقرأ﴾ تكرير للمبالغة، أو الأول مطلق والثاني للتبيلغ، أو في الصلاة قال البيضاوي: ولعله لما قيل له: ﴿اقرأ باسم ربك﴾ قال ما أنا بقارئ فقيل له اقرأ: ﴿وربك الأكرم﴾ أي: الزائد في الكرم على كل كريم، فإنه ينعم على عباده النعم التي لا تحصى، ويحلم عنهم ولا يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وجحودهم لنعمه، وركوبهم المناهي في إطراحهم الأوامر، ويقبل توبتهم ويتجاوز عنهم بعد اقتراف العظائم، فما لكرمه غاية ولا أمد، وكأنه ليس وراء التكرّم بإفادة الفوائد العلمية تكرّم حيث قال الأكرم:
(١٤/١٢)


الصفحة التالية
Icon