تنبيه: اختلف في النفث في الرقي، فجوّزه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ويدل عليه حديث عائشة قالت: «كان رسول الله ﷺ إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوّذتين». وروى محمد بن حاطب: «أنّ يده احترقت فأتى النبيّ ﷺ فجعل ينفث عليها ويتكلم بكلام زعم أنه لم يحفظه». وروى «أنّ قوماً لدغ رجل منهم فأتوا أصحاب النبيّ ﷺ فقالوا: هل فيكم من راق؟ قالوا: لا حتى تجعلوا لنا شيئاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الغنم، فجعل رجل منهم يقرأ فاتحة الكتاب ويرقي ويتفل حتى برئ، فأخذوه، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ فقال: وما يدريك أنها رقية خذوا واضربوا لي معكم بسهم». وأنكر جماعة النفث والتفل في الرقي، وأجازوا النفخ بلا ريق. وقال عكرمة: لا ينبغي للراقي أن ينفث ولا يمسح ولا يعقد. وقيل: إنّ النفث في العقد إنما يكون مذموماً إذا كان سحراً مضراً بالأرواح والأبدان، وإذا كان النفث لإصلاح الأرواح والأبدان فلا يضر، وليس بمذموم ولا مكروه بل هو مندوب إليه.
ولما كان أعظم حامل على السحر وغيره من أذى الناس الحسد، وهو تمني زوال نعمة المحسود للحاسد، أو غيره قال تعالى:
﴿ومن شرّ حاسد﴾، أي: ثابت الاتصاف بالحسد معروف فيه، وأعظم الحساد الشيطان الذي ليس له دأب إلا السعي في إزالة نعم العبادات عن الإنسان بالغفلات، ثم قيد ذلك بقوله تعالى: ﴿إذا حسد﴾، أي: إذا ظهر حسده وعمل بمقتضاه من بغي الغوائل للمحسود، لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمر فلا ضرر يعود منه على من حسده، بل هو الضار لنفسه لاغتمامه بسرور غيره.
(١٤/١٢٤)


الصفحة التالية
Icon