﴿وإن خفتم﴾ أي: خشيتم ﴿أن لا تقسطوا﴾ أي: تعدلوا ﴿في اليتامى﴾ فتحرّجتم من أمورهم فخافوا أيضاً ترك العدل بين النساء وقللوا عدد المنكوحات ﴿فانكحوا ما طاب﴾ أي: حلّ ﴿لكم من النساء﴾؛ لأنّ منهنّ ما حرم كاللاتي في آية التحريم ﴿مثنى وثلاث ورباع﴾ أي: تزوّجوا اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً؛ لأنّ من تحرّج من ذنب أو تاب عنه وهو مرتكب مثله فهو غير متحرّج ولا تائب؛ لأنه إنما وجب أن يتحرّج من الذنب ويتاب عنه لقبحه، والقبح قائم في كل ذنب وإنما عبر عنهنّ بما ومن يعقل إنما يعبر عنه بمن ذاهباً إلى الصفة؛ لأنه إنما يفرق بين من وما في الذوات لا في الصفات أو أجراهنّ مجرى غير العقلاء لنقصان عقلهنّ، وقيل: كانوا لا يتحرّجون من الزنا وهم يتحرّجون من ولاية اليتامى فقيل: إن خفتم الحوب في حق اليتامى، فخافوا الزنا فانكحوا ما حل لكم من النساء ولا تجولوا حول المحرّمات، وقيل: كان الرجل يجد اليتيمة لها مال وجمال فيتزوّجها ضناً ـ أي: بخلاً ـ بها فربما يجتمع عنده منهنّ عدد ولا يقدر على القيام بحقوقهنّ.
فإن قيل: الذي أطلق للناكح في الجمع أن يجمع بين ثنتين أو ثلاث أو أربع، فما معنى التكرير في مثنى وثلاث ورباع حتى إنّ بعض الرافضة قال: للشخص أن يتزوّج بثمانية عشر؟ أجيب: بأنّ الخطاب للجمع فوجب التكرير ليصيب كل ناكح يريد الجمع ما أراد من العدد الذي أطلق له كما تقول للجماعة: اقتسموا هذا المال، وهو ألف درهم، درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ولو أفردت لم يكن له معنى.
(٢/١٧٦)


الصفحة التالية
Icon