﴿للرجال﴾ أي: الذكور ﴿نصيب﴾ أي: حظ ﴿مما ترك الوالدان والأقربون﴾ أي: المتوفون ﴿وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه﴾ أي: المال ﴿أو كثر﴾ جعله الله ﴿نصيباً مفروضاً﴾ أي: مقطوعاً بتسليمه إليهم.
(٢/١٨٢)
روي أن أوس بن ثابت الأنصاري رضي الله تعالى عنه توفي وترك امرأته أم كحة ـ بضمّ الكاف والحاء المشدّدة ـ وثلاث بنات له منها فقام رجلان هما ابنا عمّ الميت ووصياه سويد وعرفجة فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئاً، وكان أهل الجاهلية لا يورّثون النساء ولا الصغار وإن كان الصغير ذكراً إنما كانوا يورثون الرجال ويقولون: لا نعطي إلا من قاتل وحاز الغنيمة، فجاءت أمّ كحة إلى رسول الله ﷺ في مسجد الفضيخ ـ وهو بالضاد والخاء المعجمتين، موضع بالمدينة، قيل: لعله المسجد الذي كان يسكنه أصحاب الصفة؛ لأنهم كانوا يرضخون فيه النوى ـ فشكت إليه فقالت: يا رسول الله إنّ أوس بن ثابت مات وترك علي ثلاث بنات، وأنا امرأته وليس عندي ما أنفق عليهنّ وقد ترك أبوهن مالاً حسناً وهو عند سويد وعرفجة لم يعطياني ولا بناته شيئاً، وهن في حجري لا يطعمن ولا يسقين، فدعاهما رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله ولدها لا يركب فرساً ولا يحمل كلأ ولا ينكي عدوّاً، فنزلت هذه الآية، فأثبتت لهنّ الميراث فقال رسول الله ﷺ «لا تقربا من مال أوس شيئاً فإنّ الله جعل لبناته نصيباً مما ترك ولم يبين كم هو حتى أنظر ما ينزل فيهنّ» فأنزل الله تعالى ﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾ فأعطى ﷺ أمّ كحة الثمن والبنات الثلثين والباقي ابني العمّ» وهذا دليل على جواز تأخير البيان عن الخطاب ﴿وإذا حضر القسمة﴾ للميراث ﴿أولو القربى﴾ أي: ذوو القرابة ممن لا يرث ﴿واليتامى والمساكين فارزقوهم﴾ أي: أعطوهم ﴿منه﴾ أي: المقسوم شيئاً قبل القسمة تطييباً لقلوبهم وتصدّقاً عليهم، وهو أمر ندب للبلغ من