﴿ومن لم يستطع منكم طولاً﴾ أي: غنى وأصل الطول الفضل يقال: لفلان على فلان طول أي: زيادة فضل وقد طاله طولاً فهو طائل كما قال القائل:

*لقد زادني حباً لنفسي أنني بغيض إلى كل امرىء غير طائل*
ومنه قولهم: هذا أمر ما تحته طائل أي: شيء يعتد به مما له فضل وخطر، ومنه الطول في الجسم؛ لأنه زيادة فيه كما أنّ القصر قصور فيه ونقصان، والمعنى: ومن لم يستطع زيادة في المال وسعة ﴿أن ينكح المحصنات﴾ أي: الحرائر وقوله تعالى: ﴿المؤمنات﴾ جرى على الغالب، فلا مفهوم له فإن الحرائر الكتابيات كذلك ﴿فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات﴾ أي: إمائكم المؤمنات أي: ومن لم يقدر على مهر الحرّة المؤمنة أي: أو الكتابية كما مرّ فليتزوّج الأمة المؤمنة، وظاهر الآية حجة للشافعي رضي الله تعالى في تحريم نكاح الأمة على من ملك ما يجعله صداق حرّة ومنع نكاح الأمة الكتابية مطلقاً، وأوّل أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه طول المحصنات بأن يملك فراشهنّ على أنّ النكاح هو الوطء وحمل قوله: (من فتياتكم المؤمنات) على الأفضل كما حمل عليه قوله: (المحصنات المؤمنات).
ومن أصحابنا من حمله أيضاً على التقييد وجوّز نكاح الأمة لمن قدر على الحرّة والكتابية دون المؤمنة حذراً من مخالطة الكفار وموالاتهم، والمحذور في نكاح الأمة رق الولد؛ ولأنها ممتهنة مبتذلة خراجة ولاجة، وذلك كله نقصان راجع إلى الناكح ومهانة، والعزة من صفات المؤمنين، وأمّا وطؤها بملك اليمين فجائز باتفاق.
(٢/٢١٣)


الصفحة التالية
Icon