فإن قيل: قوله تعالى: ﴿وأقرضتم الله قرضاً حسناً﴾ داخل تحت إيتاء الزكاة فما فائدة إعادته؟ أجيب: بأنّ المراد بالزكاة الواجبة وبالقرض الصدقة المندوبة وخصها تنبيهاً على شرفها وقرضاً يحتمل المصدر والمفعول به، ولما كان الإنسان محل النقصان فهو لا ينفك عن زلل أو تقصير وإن اجتهد في صلاح العمل قال: سدّ الجواب القسم المدلول عليه باللام في لئن مسد جواب الشرط ﴿لأكفرنّ﴾ أي: لأسترنّ ﴿عنكم سيآتكم﴾ أي: فعلكم الذي من شأنه أن يسوء ﴿ولأدخلنكم﴾ فضلاً ورحمة مني ﴿جنات تجري من تحتها الأنهار﴾ أي: من شدّة الريّ ﴿فمن كفر بعد ذلك﴾ الميثاق ﴿منكم فقد ضلّ﴾ أي: ترك وضيع ﴿سواء السبيل﴾ أي: أخطأ طريق الحق والسواء في الأصل الوسط.
فإن قيل: من كفر قبل ذلك أيضاً فقد ضلّ سواء السبيل، أجيب: بأنّ الضلال بعد أظهر وأعظم لأنه الكفر بعد البيان العظيم فهو أعظم من غيره لأنه قد يكون له قبل ذلك شبهة يتوهم له معذرة، وقرأ قالون وابن كثير وعاصم بإظهار دال قد عند الضاد والباقون بالإدغام وقد تقدّم ولما نقضوا الميثاق مرّة بعد مرّة بتكذيب الرسل وقتل الأنبياء وكتمهم صفة النبيّ ﷺ كما تقدّم في سورة البقرة.
(١٥/٣٠)


الصفحة التالية
Icon