﴿ومن أحياها﴾ أي: بسبب من الأسباب كإنقاذ من هلكة أو غرق أو دفع من يريد أن يقتلها ظلماً ﴿فكأنما أحيا الناس جميعاً﴾ قال ابن عباس: من حيث عدم انتهاك حرمتها وصونها قال سليمان بن علي: قلت للحسن يأبا سعيد أهي لنا أي: هذه الآية كما كانت لبني إسرائيل؟ قال: إي، والذي لا إله غيره ما كانت دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا اه. ومما يحسن إيراده هنا ما ينسب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقيل: إنه للشافعيّ رحمه الله تعالى:

*الناس من جهة التمثيل أكفاء أبوهم آدم والأمّ حوّاء*
*نفس كنفس وأرواح مشاكلة وأعظم خلقت فيهم وأعضاء*
*فإن يكن لهم في أصلهم حسب يفاخرون به فالطين والماء*
*ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء*
*وقدر كل امرىء ما كان يحسنه وللرجال على الأفعال أسماء*
*وضدّ كل امرىء ما كان يجهله والجاهلون لأهل العلم أعداء*
*ففز بعلم تعش حياً به أبداً فالناس موتى وأهل العلم أحياء*
﴿ولقد جاءتهم﴾ أي: بني إسرائيل ﴿رسلنا بالبينات﴾ أي: المعجزات وقرأ أبو عمرو بسكون السين والباقون بضمها ﴿ثم إنّ كثيراً منهم بعد ذلك﴾ أي: بعدما كتبنا عليهم هذا التشديد العظيم وأرسلنا إليهم الرسل بالآيات الواضحة تأكيداً للأمر وتجديداً للعهد ﴿في الأرض لمسرفون﴾ أي: مجاوزون الحدّ بالكفر والقتل وغير ذلك ولا يبالون به وبهذا اتصلت القصة بما قبلها.
ونزل في العرنيين «لما قدموا المدينة وهم مرضى أتوا النبيّ ﷺ وبايعوه على الإسلام وهم كذبة فبعثهم النبيّ ﷺ إلى إبل الصدقة ليشربوا من ألبانها وأبوالها فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الإبل».
(١٥/٥٧)


الصفحة التالية
Icon