روى الطبراني أنّ نصرانياً بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول: أشهد أنّ محمداً رسول الله قال: أحرق الله الكاذب فدخل خادمه ذات ليلة بنار وأهله نيام فتطاير شرره في البيت فأحرقه وأهله ﴿ذلك﴾ أي: الاتخاذ ﴿بأنهم﴾ أي: بسبب إنهم ﴿قوم لا يعقلون﴾ أي: فإنّ السفه يؤدّي إلى الجهل بالحق والهزء به والعقل يمنع منه ونزل لما سأل نفر من اليهود النبيّ ﷺ عمن يؤمن به من الرسل فقال: أومن بالله وما أنزل إلينا الآية، فقالوا حين سمعوا ذكر عيسى ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ولا ديناً شراً من دينكم.
﴿قل يأهل الكتاب هل تنقمون﴾ أي: تنكرون ﴿منا﴾ وتعيبون يقال: نقم منه كذا أنكره وانتقم إذا كافأه ﴿إلا أن آمنا با وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل﴾ أي: إلى الأنبياء وقوله تعالى: ﴿وأنّ أكثركم فاسقون﴾ عطف على أن آمنا والمعنى ما تنكرون منا إلا إيماننا ومخالفتكم في عدم قبول الإيمان المعبّر عن عدم قبوله بالفسق اللازم عن عدم القبول وليس هذا مما ينكر.
﴿قل﴾ لهم يا محمد ﴿هل أنبئكم﴾ أي: أخبركم ﴿بشرّ من ذلك﴾ أي: الذي تنتقمونه ﴿مثوبه عند الله﴾ نصب مثوبة على التمييز أي: ثواباً بمعنى جزاءً.
(١٥/٨٤)
فإن قيل: المثوبة مختصة بالإحسان كما أنّ العقوبة مختصة بالشر أجيب: بأنّ ذلك على سبيل التهكم كما في قوله تعالى: ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾ (آل عمران، ٢١) وقوله تعالى: ﴿من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير﴾ (المائدة، ٦٠) بدل من بشر على حذف مضاف قبل لفظ ذلك أو قبل لفظ من لعنه وتقديره: بشر من أهل ذلك من لعنه الله أو بشر من ذلك دين من لعنه الله لأنّ الدّين المشار إليه غير مطابق لقوله: من لعنه الله في معنى يشترك فيه لفظ شر فيقدر أهل قبل ذلك أو دين قبل من ليطابق.