فإن قيل: الأفعال إمّا أفعال القلوب وهي المسماة بالسر وإمّا أفعال الجوارح وهي المسماة بالجهر والأفعال لا تخرج عن السرّ والجهر فقوله تعالى: ﴿ويعلم ما تكسبون﴾ يقتضي عطف الشيء على نفسه وهو غير جائز أجيب: بأنّ المراد بالسر ما يخفى وبالجهر ما يظهر من أحوال الأنفس وبالمكتسب أعمال الجوارح فهو كما يقال: هذا المال كسب فلان أنه مكتسبه فلا يحمل على نفس الكسب وإلا لزم عطف الشيء على نفسه.
﴿وما تأتيهم﴾ أي: الكفار ﴿من آية من آيات ربهم﴾ من الأولى مزيدة للاستغراق والثانية للتبعيض أي: ما يظهر لكم دليل قط من الأدلة أو معجزة من المعجزات أو آية من آيات القرآن ﴿إلا كانوا عنها معرضين﴾ أي: تاركين لها وبها مكذبين.
﴿فقد كذبوا بالحق لما جاءهم﴾ أي: بالقرآن وبمحمد ﷺ وبما أتى به من المعجزات ﴿فسوف يأتيهم أنباء﴾ أي: عواقب ﴿ما كانوا به يستهزؤن﴾ بنزول العذاب بهم في الدنيا والآخرة أو عند ظهور الإسلام وارتفاع أمره.
﴿ألم يروا﴾ أي: في أسفارهم إلى الشام وغيرها ﴿كم﴾ خبرية بمعنى كثيراً ﴿أهلكنا من قبلهم من قرن﴾ أي: أمّة من الأمم الماضية، وعلى هذا القرن الجماعة من الناس وجمعه قرون، وقيل: القرن مدّة من الزمان قيل: إنها عشرة أعوام، وقيل: عشرون، وقيل: ثلاثون، وقيل: أربعون، وقيل: خمسون، وقيل: ستون، وقيل: سبعون، وقيل: ثمانون، وقيل: تسعون، وقيل: مائة.
(١٥/١٥٥)


الصفحة التالية
Icon