(١٥/١٦٦)
﴿وهم ينهون﴾ الناس ﴿عنه﴾ أي: اتباع النبيّ ﷺ أو القرآن ﴿وينأون﴾ أي: يتباعدون عنه فلا يؤمنون به، قال محمد بن الحنفية والسدّيّ والضحاك: نزلت في كفار مكة وقال ابن عباس ومقاتل في أبي طالب: كان ينهى الناس عن أذى النبيّ ﷺ ويمنعهم وينأى عن الإيمان به أي: يبعد حتى روي أنه اجتمع له رؤوس المشركين وقالوا: خذ شاباً من أحسن أصحابنا وجهاً وادفع إلينا محمداً فقال أبو طالب: ما أنصفتموني أدفع إليكم ولدي لتقتلوه وأربي ولدكم.
وروي أنه ﷺ دعاه إلى الإيمان فقال: لولا أن تعيرني قريش لأقررت بها عينك ولكن أذب عنك ما حييت.
وروي أنهم اجتمعوا إلى أبي طالب وأرادوا برسول الله ﷺ سوأ فقال:

*والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا*
*فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وابشر بذاك وقرّ منه عيونا*
*ودعوتني وزعمت أنك ناصح ولقد صدقت وكنت ثم أمينا*
*وعرضت ديناً لا محالة إنه من خير أديان البريّة دينا*
*لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا*
﴿وإن﴾ أي: ما ﴿يهلكون﴾ بالنأي عنه ﴿إلا أنفسهم﴾ لأنّ ضرره عليهم ﴿وما يشعرون﴾ أنّ ضررهم لا يتعدّاهم إلى غيرهم وقوله تعالى:
﴿ولو ترى﴾ يا محمد ﴿إذ وقفوا﴾ أي: عرضوا ﴿على النار﴾ جوابه محذوف أي: لو تراهم حين يقفون على النار فيعرفون مقدار عذابها لرأيت أمراً شنيعاً ﴿فقالوا﴾ أي: الكفار ﴿يا﴾ للتنبيه ﴿ليتنا نرد﴾ أي: إلى الدنيا ﴿ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين﴾ تمنوا أن يردّوا إلى الدنيا ولا يكذبوا بآيات ربهم، وقرأ حفص وحمزة بنصب الياء من يكذب على جواب التمني والباقون بالرفع على الاستئناف، وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة بفتح النون من تكون على جواب التمني والباقون بالضمّ على العطف وقوله تعالى:
(١٥/١٦٧)


الصفحة التالية
Icon