﴿قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله﴾ أي: بالبعث واستمرّ تكذيبهم ﴿حتى إذا جاءتهم الساعة﴾ أي: القيامة ﴿بغتة﴾ أي: فجأة وسميت القيامة ساعة لأنها تفجأ الناس بغتة في ساعة لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى، وقيل: لسرعة الحساب فيها لأنّ حساب الخلائق يوم القيامة يكون في ساعة واحدة وأقل من ذلك ﴿قالوا يا حسرتنا﴾ أي: يا ندامتنا والحسرة التلهف على الشيء الفائت وشدّة التألم ونداؤها مجاز أي: هذا أوانك فاحضري ﴿على ما فرّطنا﴾ أي: قصرنا ﴿فيها﴾ أي: الحياة الدنيا جيء بضميرها وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة لأنها موضع التفريط في الأعمال الصالحة ويجوز أن يكون للساعة على معنى قصرنا في شأنها والإيمان بها كما تقول: فرّطت في فلان ومنه فرّطت في جنب الله وقوله تعالى: ﴿وهم يحملون أوزارهم﴾ أي: أثقالهم وآثامهم ﴿على ظهورهم﴾ تمثيل لاستحقاقهم آصار الآثام، وقال السديّ وغيره: إنّ المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبه ريحاً فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا، فيقول: أنا عملك الصالح فاركبني فقد طال ما ركبتك في الدنيا فذلك قوله تعالى: ﴿يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً﴾ (مريم، ٨٥) أي: ركباناً، وأمّا الكافر فيستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحاً فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا، فيقول: أنا عملك الخبيث طال ما ركبتني في الدنيا واليوم أركبك فهو معنى قوله تعالى: ﴿وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم﴾ ﴿ألا ساء﴾ أي: بئس ﴿ما يزرون﴾ أي: ما يحملون حملهم ذلك، وقوله تعالى:
(١٥/١٧٠)


الصفحة التالية
Icon