وروي أنّ عمر رضي الله عنه قال له: لو فعلت حتى تنظر إلى ماذا يصيرون قالوا: فاكتب بذلك كتاباً فدعا بالصحيفة وبعلي رضي الله تعالى عنه فنزلت فرمى بالصحيفة واعتذر عمر رضي الله تعالى عنه من مقالته قال سلمان وخباب فينا نزلت فكان رسول الله ﷺ يقعد معنا وندنو منه حتى تمس ركبتنا ركبته فكان يقوم عنا إذا أراد القيام فنزل ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم﴾ (الكهف، ٢٨) فترك القيام عنا إلى أن نقوم عنه وقال لنا: «الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمّتي معكم المحيا ومعكم الممات» وقال الكلبي: قالوا له اجعل لنا يوماً ولهم يوماً قال: «لا أفعل» قالوا: فاجعل واحداً وأقبل علينا وولهم ظهرك فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقال مجاهد: قالت قريش: لولا بلال وابن أم معبد لبايعنا محمداً فأنزل الله تعالى هذه الآية ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي﴾ يعني صلاة الصبح وصلاة العصر».
ويروى عنه أنّ المراد منه الصلوات الخمس وذلك أنّ ناساً من الفقراء كانوا مع النبيّ ﷺ فقال ناس من الأشراف: إذا صلينا فأخر هؤلاء فليصلوا خلفنا فنزلت هذه الآية وقوله تعالى: ﴿يريدون وجهه﴾ حال من يدعون أي: يدعون ربهم مخلصين فيه قيد الدعاء بالإخلاص تنبيهاً على أنه ملاك الأمر ﴿ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء﴾ أي: ليس عليك حساب في اختبار بواطنهم وإخلاصهم لما اتسموا بسيرة المتقين وإن كان لهم باطن غير مرضيّ كما ذكره المشركون وطعنوا في دينهم فحسابهم عليهم لا يتعدّاهم إليك كما أنّ حسابك لا يتعدّاك إليهم كقوله تعالى: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ (الأنعام، ١٦٤).
(١٥/١٨٤)