﴿قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب﴾ أي: غمّ سوى ذلك ﴿ثم أنتم تشركون﴾ أي: تعودون إلى شركة الأصنام معه التي لا تضر ولا تنفع ولا توفون بالعهد وإنما وضع تشركون موضع لا تعبدون تنبيهاً على أنّ من أشرك في عبادة الله تعالى فكأنه لم يعبده ﴿قل﴾ لهم ﴿هو القادر على أن يبعث﴾ في كل وقت يريده ﴿عليكم﴾ في كل حالة ﴿عذاباً من فوقكم﴾ بإرسال الصيحة والحجارة والريح والطوفان كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الفيل ﴿أو من تحت أرجلكم﴾ بالغرق أو الخسف كما فعل بفرعون وقارون، وعن ابن عباس ومجاهد: عذاباً من فوقكم: السلاطين الظلمة، أو من تحت أرجلكم: العبيد السوء، وقال الضحاك: من فوقكم أي: من قبل كباركم أو من تحت أرجلكم أي: من أسفل منكم ﴿أو يلبسكم﴾ أي: يخلطكم ﴿شيعاً﴾ أي: فرقاً وينشب فيكم الأهوال المختلفة بقتل بعضكم بعضاً.
روي لما نزلت هذه الآية: ﴿قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم﴾ قال ﷺ «أعوذ بوجهك» ﴿ومن تحت أرجلكم﴾ قال: «أعوذ بوجهك» ﴿أو يلبسكم شيعاً﴾ ﴿ويذيق بعضكم بأس بعض﴾ أي: بالقتال، قال رسول الله ﷺ «هذا أهون أو أيسر».
وفي رواية أنه ﷺ قال: «سألت ربي طويلاً أن لا يهلك أمّتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمّتي بالسنين فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها».
وفي رواية أنه ﷺ سأل الله تعالى ثلاثاً فأعطاه اثنتين ومنعه واحدة «سأله أن لا يسلط على أمّته عدوّاً من غيرهم يظهر عليهم فأعطاه ذلك وسأله أن لا يهلكهم بالسنين فأعطاه ذلك وسأله أن لا يجعل بأس بعضهم على بعض فمنعه ذلك» ﴿انظر﴾ يا محمد ﴿كيف نصرف﴾ أي: نبين لهم ﴿الآيات﴾ الدالة على قدرتنا ﴿لعلهم يفقهون﴾ أي: يعلمون أنّ ما هم عليه باطل فيرجعوا عنه.
(١٥/١٩٦)


الصفحة التالية
Icon