﴿فالق الإصباح﴾ مصدر بمعنى الصبح أي: شاق عمود الصبح وهو أوّل ما يبدو من النهار عن ظلمة الليل أو شاق ظلمة الأصباح وهو الغبش الذي عليه في آخر الليل ﴿وجاعل الليل سكناً﴾ أي: يسكن فيه الخلق راحه لهم، قال ابن عباس: إذ كل ذي روح يسكن فيه لأنّ الإنسان قد أتعب نفسه فاحتاج إلى زمان يستريح فيه ليسكن فيه عن الحركة وذلك هو الليل، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بنصب العين واللام ولا ألف قبل العين على الماضي حملاً على معنى المعطوف عليه فإن فالق بمعنى فلق، والباقون بكسر العين ورفع اللام وألف قبل العين وقوله تعالى: ﴿والشمس والقمر﴾ منصوبان بإضمار فعل دلّ عليه جاعل الليل أي: وجعل الشمس والقمر ﴿حسباناً﴾ أي: حساباً للأوقات أو الباء محذوفة وهو حال من مقدر أي: يجريان بحسبان كما في آية الرحمن وقوله تعالى: ﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما تقدّم ذكره في هذه الآية من الأشياء التي خلقها بقدرته وكمال علمه وهو المراد بقوله: ﴿تقدير العزيز العليم﴾ فالعزيز إشارة إلى كمال قدرته والعليم إشارة إلى كمال علمه ﴿وهو الذي جعل﴾ أي: خلق ﴿لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البرّ والبحرّ﴾ أي: في ظلمات الليل في البرّ والبحر وإضافتها إليهما للملابسة أو في مشتبهات الطرق وسماها ظلمات على الاستعارة وهو إفراد لبعض منافعها بالذكر بعدما أجملها بقوله: لكم، ومن منافعها أنها زينة للسماء كما قال تعالى: ﴿ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح﴾ ومنها رمي الشياطين كما قال تعالى: ﴿وجعلناها رجوماً للشياطين﴾ (الملك، ٥)
﴿قد فصلنا﴾ أي: بينا ﴿الآيات﴾ أي: الدالات على قدرتنا وتوحيدنا ﴿لقوم يعلمون﴾ أي: يتدبرون فإنهم المنتفعون به
(١٥/٢٢٧)


الصفحة التالية
Icon